کد مطلب:90548 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:143
[صفحه 492] عَلی مُحَمَّدٍ وَ السَّلاَمُ عَلَیْهِ فِی الْعَالَمینَ[2]. أَمَّا بَعْدُ، أَیُّهَا النَّاسُ، فَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ[3] لی عَلَیْكُمْ حَقّاً بِوِلاَیَتی أَمْرَكُمْ، وَ مَنْزِلَتِیَ الَّتی أَنْزَلَنِی اللَّهُ عَزَّ ذِكْرُهُ بِهَا مِنْ بَیْنِكُمْ[4]، وَ لَكُمْ عَلَیَّ مِنَ الْحَقِّ مِثْلُ الَّذی لی عَلَیْكُمْ. وَ الْحَقُّ[5] أَوْسَعُ[6] الأَشْیَاءِ فِی التَّوَاصُفِ، وَ أَضْیَقُهَا[7] فِی التَّنَاصُفِ. وَ إِنَّ الْحَقَّ[8] لاَ یَجْری لأَحَدٍ إِلاَّ جَری عَلَیْهِ، وَ لاَ یَجْری عَلَیْهِ إِلاَّ جَری لَهُ. وَ لَوْ كَانَ لأَحَدٍ أَنْ یَجْرِیَ لَهُ وَ لاَ یَجْرِی عَلَیْهِ، لَكَانَ ذلِكَ خَالِصاً للَّهِ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالی دُونَ خَلْقِهِ، لِقُدْرَتِهِ عَلی عِبَادِهِ، وَ لِعَدْلِهِ فی كُلِّ مَا جَرَتْ عَلَیْهِ صُرُوفُ[9] قَضَائِهِ. وَ لكِنَّهُ سُبْحَانَهُ جَعَلَ حَقَّهُ عَلَی الْعِبَادِ أَنْ یُطیعُوهُ، وَ جَعَلَ جَزَاءَهُمْ عَلَیْهِ مُضَاعَفَةَ الثَّوَابِ، تَفَضُّلاً مِنْهُ، وَ تَطَوُّلاً بِكَرَمِهِ[10]، وَ تَوَسُّعاً بِمَا هُوَ مِنَ الْمَزیدِ أَهْلُهُ. ثُمَّ جَعَلَ سُبْحَانَهُ مِنْ حُقُوقِهِ حُقُوقاً افْتَرَضَهَا لِبَعْضِ النَّاسِ عَلی بَعْضٍ، فَجَعَلَهَا تَتَكَافَأُ فی وُجُوهِهَا، وَ یُوجِبُ بَعْضُهَا بَعْضاً، وَ لاَ یُسْتَوْجَبُ بَعْضُهَا إِلاَّ بِبَعْضٍ. وَ أَعْظَمُ مَا افْتَرَضَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ مِنْ تِلْكَ الْحُقُوقِ حَقُّ الْوَالی عَلَی الرَّعِیَّةِ، وَ حَقُّ الرَّعِیَّةِ عَلَی الْوَالی. [صفحه 493] فَریضَةٌ فَرَضَهَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ لِكُلٍّ عَلی كُلٍّ، فَجَعَلَهَا نِظَاماً لأُلْفَتِهِمْ، وَ عِزّاً وَ قِوَاماً لِسُنَنِ[11] دینِهِمْ. فَلَیْسَتْ تَصْلُحُ الرَّعِیَّةُ إِلاَّ بِصَلاَحِ الْوُلاَةِ، وَ لاَ یَصْلُحُ الْوُلاَةُ إِلاَّ بِاسْتِقَامَةِ الرَّعِیَّةِ. فَإِذَا أَدَّتِ الرَّعِیَّةُ إِلَی الْوَالی حَقَّهُ، وَ أَدَّی الْوَالی إِلَیْهَا حَقَّهَا، عَزَّ الْحَقُّ بَیْنَهُمْ، وَ قَامَتْ مَنَاهِجُ الدّینِ، وَ اعْتَدَلَتْ مَعَالِمُ الْحَقِّ[12]، وَ جَرَتْ عَلی أَذْلاَلِهَا السُّنَنُ، فَصَلُحَ بِذلِكَ الزَّمَانُ، وَ طَابَ بِهِ الْعَیْشُ[13]، وَ طُمِعَ فی بَقَاءِ الدُّوْلَةِ، وَ یَئِسَتْ مَطَامِعُ الأَعْدَاءِ. وَ إِذَا غَلَبَتِ الرَّعِیَّةُ وَالیَهَا، أَوْ أَجْحَفَ الْوَالی بِرَعِیَّتِهِ[14]، اخْتَلَفَتْ هُنَالِكَ الْكَلِمَةُ، وَ ظَهَرَتْ مَعَالِمُ[15] الْجَوْرِ، وَ كَثُرَ الاِدْغَالُ فِی الدّینِ، وَ تُرِكَتْ مَحَاجُّ السُّنَنِ، فَعُمِلَ بِالْهَوی، وَ عُطِّلَتِ الأَحْكَامُ، وَ كَثُرَتْ عِلَلُ النُّفُوسِ، فَلاَ یُسْتَوْحَشُ لِعَظیمِ حَقٍّ[16] عُطِّلَ، وَ لاَ لِعَظیمِ بَاطِلٍ فُعِلَ[17] فَهُنَالِكَ تَذِلُّ الأَبْرَارُ، وَ تَعِزُّ الأَشْرَارُ، وَ تَخْرَبُ الْبِلاَدُ[18]، وَ تَعْظُمُ تَبِعَاتُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ عِنْدَ الْعِبَادِ. فَعَلَیْكُم، أَیُّهَا النَّاسُ، بِالتَّعَاوُنِ عَلی طَاعَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ، وَ الْقِیَامِ بِعَدْلِهِ، وَ الْوَفَاءِ بِعَهْدِهِ، وَ الاِنْصَافِ لَهُ فی جَمیعِ حَقِّهِ، فَإِنَّهُ لَیْسَ الْعِبَادُ إِلی شَیْ ءٍ أَحْوَجَ مِنْهُمْ إِلَی[19] التَّنَاصُحِ فی ذلِكَ، وَ حُسْنِ التَّعَاوُنِ عَلَیْهِ. فَلَیْسَ أَحَدٌ، وَ إِنِ اشْتَدَّ عَلی رِضَا اللَّهِ حِرْصُهُ وَ طَالَ فِی الْعَمَلِ اجْتِهَادُهُ، بِبَالِغٍ حَقیقَةَ مَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ أَهْلُهُ مِنَ الطَّاعَةِ لَهُ[20]، وَ لكِنْ مِنْ وَاجِبِ حُقُوقِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ[21] عَلی عِبَادِهِ[22] [صفحه 494] النَّصیحَةُ لَهُ بِمَبْلَغِ جُهْدِهِمْ، وَ التَّعَاوُنِ عَلی إِقَامَةِ الْحَقِّ بَیْنَهُمْ[23]. وَ لَیْسَ امْرُؤٌ[24]، وَ إِنْ عَظُمَتْ فِی الْحَقِّ مَنْزِلَتُهُ، وَ تَقَدَّمَتْ[25] فِی الدّینِ فَضیلَتُهُ، بِفَوْقِ[26] أَنْ یُعَانَ عَلی مَا حَمَّلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ[27] مِنْ حَقِّهِ. وَ لاَ امْرُؤٌ، وَ إِنْ صَغَّرَتْهُ النُّفُوسُ، وَ اقْتَحَمَتْهُ الْعُیُونُ، وَ خَسَأَتْ بِهِ الأُمُورُ[28]، بِدُونِ أَنْ یُعینَ عَلی ذلِكَ أَوْ یُعَانَ عَلَیْهِ. وَ أَهْلُ الْفَضیلَةِ فِی الْحَالِ، وَ أَهْلُ النِّعَمِ الْعِظَامِ، أَكْثَرُ فی ذَلِكَ حَاجَةً، وَ كُلٌّ فِی الْحَاجَةِ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ شَرْعٌ سَوَاءٌ[29]. فَأَمَّا حَقُّكُمْ عَلَیَّ: فَالنَّصیحَةُ لَكُمْ مَا صَحِبْتُكُمْ، وَ الْعَدْلُ[30]، وَ تَوْفیرُ فَیْئِكُمْ عَلَیْكُمْ، وَ تَعْلیمُكُمْ كَیْلاَ تَجْهَلُوا، وَ تَأْدیبُكُمْ كَیْمَا تَعْلَمُوا. وَ أَمَّا حَقّی عَلَیْكُمْ: فَالْوَفَاءُ بِالْبَیْعَةِ، وَ النَّصیحَةُ[31] فِی الْمَشْهَدِ وَ الْمَغیبِ، وَ الاِجَابَةُ حینَ أَدْعُوكُمْ، وَ الطَّاعَةُ حینَ آمُرُكُمْ. فَإِنْ یُرِدِ اللَّهُ بِكُمْ خَیْراً تَنْزِعُوا عَمَّا أَكْرَهُ، وَ تَرْجِعُوا إِلی ما أُحِبُّ، تَنَالُوا بِذَلِكَ مَا تُحِبُّونَ، وَ تُدْرِكُوا مَا تَأْمَلُونَ. أَیُّهَا النَّاسُ[32]، إِنَّ الْجِهَادَ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ فَتَحَهُ اللَّهُ تَعَالی لِخَاصَّةِ أَوْلِیَائِهِ، وَ هُوَ لِبَاسُ التَّقْوی، وَ دِرْعُ اللَّهِ الْحَصینَةُ، وَ جُنَّتُهُ الْوَثیقَةُ، فَمَنْ تَرَكَهُ رَغْبَةً عَنْهُ، وَ دَاهَنَ فی أَمْرِ [صفحه 495] اللَّهِ[33]، أَلْبَسَهُ اللَّهُ ثَوْبَ الذُّلِّ، وَ شَمِلَهُ[34] الْبَلاَءُ، وَ دُیِّثَ بِالصَّغَارِ وَ الْقَمَاءِ[35]، وَ ضُرِبَ عَلی قَلْبِهِ بِالأَسْدَادِ[36]، وَ أُدیلَ الْحَقُّ مِنْهُ بِتَضْییعِ الْجِهَادِ، وَ سیمَ[37] الْخَسْفَ، وَ مُنِعَ النَّصَفَ، [ وَ ] كَانَ عَلی شَفَا هَلَكَةٍ، إِلاَّ أَنْ یَتَدَارَكَهُ رَبُّهُ بِرَحْمَتِهِ. أَیُّهَا النَّاسُ، إِنَّ أَوَّلَ رَفَثِكُمْ [ وَ ] فُرْقَتِكُمْ، وَ بَدْأَ نَقْصِكُمْ، ذَهَابُ أُولِی النُّهی وَ أَهْلِ الرَّأْیِ مِنْكُمُ، الَّذینَ كَانُوا یَقُولُونَ فَیَفْعَلُونَ، وَ یُدْعَوْنَ فَیُجیبُونَ، وَ یَلْقَوْنَ عَدُوَّهُمْ فَیَصْدُقُونَ[38]. أَلاَ، یَا أَهْلَ الْكُوفَةِ[39]، إِنّی قَدْ دَعَوْتُكُمْ إِلی قِتَالِ[40] هؤُلاَءِ الْقَوْمِ لَیْلاً وَ نَهَاراً، وَ سِرّاً وَ إِعْلاَناً، وَ قُلْتُ لَكُمْ: وَیْحَكُمُ[41]، اغْزُوهُمْ[42] قَبْلَ أَنْ یَغْزُوكُمْ، فَوَ اللَّهِ مَا غُزِیَ قَوْمٌ قَطُّ فی عُقْرِ دَارِهِمْ إِلاَّ ذَلُّوا. فَتَوَاكَلْتُمْ وَ تَخَاذَلْتُمْ، وَ اسْتَصْعَبَ عَلَیْكُمْ أَمْری، وَ ثَقُلَ عَلَیْكُمْ قَوْلی، فَاتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِیّاً[43]، حَتَّی شُنَّتْ عَلَیْكُمُ الْغَارَاتُ، وَ مُلِكَتْ عَلَیْكُمُ الأَوْطَانُ، وَ ظَهَرَتْ فیكُمُ الْفَوَاحِشُ وَ الْمُنْكَرَاتِ، تُمْسیكُمْ وَ تُصْبِحُكُمْ، كَمَا فُعِلَ بِأَهْلِ الْمَثُلاَتِ مِنْ قَبْلِكُمْ، حَیْثُ أَخْبَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَنِ الْجَبَابِرَةِ الْعُتَاةِ[44]، وَ الْمُسْتَضْعَفینَ الْغُواةِ، فی قَوْلِهِ تَعَالی: یُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَ یَسْتَحْیُونَ نِسَاءَكُمْ [صفحه 496] وَ فی ذَلَكُمْ بَلاَءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظیمٌ[45]. أَمَا وَ الَّذی فَلَقَ الْحَبَّةَ، وَ بَرَأَ النَسَمَةَ، لَقَدْ حَلَّ بِكُمُ الَّذی تُوعَدُونَ. یَا أَهْلَ الْكُوفَةِ، وَ الَّذی نَفْسی بِیَدِهِ لَقَدْ أَتَانِی الصَّریخُ یُخْبِرُ أَنَّ[46] هذَا أَخُو غَامِدٍ[47] قَدْ وَرَدَتْ خَیْلُهُ الأَنْبَارَ لَیْلاً فی أَرْبَعَةِ آلاَفٍ، فَأَغَارَ عَلَیْهِمْ كَمَا یُغَارُ عَلَی الرُّومِ وَ الْخَزَرِ، وَ أَنَّهُ أَبَاحَهَا لَهُمْ، وَ قَتَلَ رِجَالاً مِنْهُمْ كَثیراً وَ نِسَاءً.[48]، وَ أَزَالَ خَیْلَكُمْ عَنْ مَسَالِحِهَا. وَ قَدْ قَتَلَ عَامِلی عَلَیْهَا[49] حَسَّانَ الْبَكْریِّ، وَ قَتَلَ مَعَهُ رِجَالاً صَالِحینَ ذَوِی فَضْلٍ وَ عِبَادَةٍ وَ نَجْدَةٍ. بَوَّأَ اللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتِ النَّعیمِ. وَ الَّذی نَفْسی بِیَدِهِ[50] لَقَدْ بَلَغَنی أَنَّ الرَّجُلَ مِنْهُمْ[51] كَانَ یَدْخُلُ عَلَی الْمَرْأَةِ الْمُسْلِمَةِ وَ الأُخْرَی الْمُعَاهِدَةِ، فَیَهْتِكُ سِتْرَهَا، وَ یَأْخُذُ الْقِنَاعَ مِنْ رَأْسِهَا، وَ[52] یَنْتَزِعُ حِجْلَهَا وَ قُلْبَهَا وَ قَلاَئِدَهَا وَ رُعُثَهَا[53]، مَا تَمْتَنِعُ مِنْهُ إِلاَّ بِالاِسْتِرْجَاعِ وَ الاِسْتِرْحَامِ وَ النِّدَاءِ: یَا لَلْمُسْلِمینَ، فَلا یُغیثُهَا مُغیثٌ، وَ لاَ یَنْصُرُهَا نَاصِرٌ[54]. ثُمَّ انْصَرَفُوا وَافِرینَ[55]، مَا نَالَ رَجُلاً مِنْهُمْ كَلْمٌ، وَ لاَ أُریقَ لَهُ دَمٌ. فَلَوْ أَنَّ امْرَأً مُسْلِماً مَاتَ مِنْ بَعْدِ هذَا أَسَفاً، مَا كَانَ بِهِ مَلُوماً، بَلْ كَانَ بَارّاً مُحْسِناً[56]، [ وَ ] بِهِ [صفحه 497] عِنْدی جَدیراً. أَیُّهَا النَّاسُ، إِنِّی[57] اسْتَنْفَرْتُكُمْ لِلْجِهَادِ[58] فَلَمْ تَنْفِرُوا، وَ أَسْمَعْتُكُمْ فَلَمْ تَسْمَعُوا[59]، وَ دَعَوْتُكُمْ عَوْداً وَ بَدْءاً، وَ[60] سِرّاً وَ جَهْراً، وَ فِی اللَّیْلِ وَ النَّهَارِ، وَ الْغُدُوِّ وَ الآصَالِ[61]، فَلَمْ تَسْتَجیبُوا، وَ نَصَحْتُ لَكُمْ فَلَمْ تَقْبَلُوا، شُهُودٌ[62] كَغُیَّابٍ، وَ عَبیدٌ كَأَرْبَابٍ، وَ أَحْیَاءٌ كَأَمْوَاتٍ؟. أَمَا تَنْفَعُكُمُ الْعِظَةُ وَ الدُّعَاءُ إِلَی الْهُدی وَ الْحِكْمَةِ؟. كَأَنَّكُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ[63]. أَتْلُو عَلَیْكُمُ الْحِكْمَةَ فَتُعْرِضُونَ عَنْهَا[64]، وَ أَعِظُكُمْ بِالْمَوْعِظَةِ الشَّافِیَةِ الْكَافِیَةِ[65] الْبَالِغَةِ[66] فَتَتَفَرَّقُونَ عَنْهَا. مَا یَزیدُكُمْ دُعَائی إِلاَّ فِرَاراً وَ إِدْبَاراً[67]، وَ أَحُثُّكُمْ عَلی جِهَادِ أَهْلِ الْبَغْیِ[68]، فَمَا آتی عَلی آخِرِ قَوْلی حَتَّی أَرَاكُمْ مُتَفَرِّقینَ أَیَادی سَبَا. تَرْجِعُونَ إِلی مَجَالِسِكُمْ، وَ تَتَخَادَعُونَ عَنْ مَوَاعِظِكُمْ، تَتَرَبَّعُونَ حَلَقاً شَتَّی، تَضْرِبُونَ الأَمْثَالَ، وَ تَنَاشَدُونَ الأَشْعَارَ، وَ تَجَسَّسُونَ الأَخْبَارَ، حَتَّی إِذَا تَفَرَّقْتُمْ تَسْأَلُونَ عَنِ الأَسْعَارِ. جَهَلَةً مِنْ غَیْرِ عِلْمٍ، وَ غَفَلَةً مِنْ غَیْرِ وَرَعٍ، وَ تَثَبُّطاً مِنْ غَیْرِ خَوْفٍ. [صفحه 498] وَ قَدْ نَسیتُمُ الْحَرْبَ وَ الاِسْتِعْدَادَ لَهَا، فَأَصْبَحَتْ قُلُوبُكُمْ فَارِغَةً مِنْ ذِكْرِهَا، شَغَلْتُمُوهَا[69] بِأَضَالیلَ أَعَالیلَ[70]، وَ أَقْوَالٍ أَبَاطیلَ[71]. أُقَوِّمُكُمْ غُدْوَةً، وَ تَرْجِعُونَ[72] عَشِیَّةً كَظَهْرِ الْحِنِیَّةِ. عَجَزَ الْمُقَوِّمُ وَ أَعْضَلَ الْمُقَوَّمُ. قَدِ اصْطَلَحْتُمْ عَلَی الْغِلِّ فیمَا بَیْنَكُمْ، وَ نَبَتَ الْمَرْعی عَلی دِمَنِكُمْ، وَ تَصَافَیْتُمْ عَلی حُبِّ الآمَالِ، وَ تَعَادَیْتُمْ فی كَسْبِ الأَمْوَالِ. لَقَدِ اسْتَهَامَ بِكُمُ الْخَبیثُ، وَ تَاهَ بِكُمُ الْغُرُورُ. وَ اللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلی نَفْسی وَ أَنْفُسِكُمْ. أَمَا وَ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ لَذُو أَنَاةٍ وَ حِلْمٍ عَظیمٍ، لَقَدْ حَلُمَ عَنْ كَثیرٍ مِنْ فَرَاعِنَةِ الأَوَّلینَ، وَ عَاقَبَ فَرَاعِنَةَ[73]. وَ لَئِنْ أَمْهَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ[74] الظَّالِمَ فَلَنْ یَفُوتَ أَخْذُهُ[75]، وَ هُوَ لَهُ بِالْمِرْصَادِ عَلی مَجَازِ طَریقِهِ، وَ بِمَوْضِعِ الشَّجی مِنْ مَسَاغِ ریقِهِ. أَمَا، وَ الَّذی نَفْسی بِیَدِهِ، لَیَظْهَرَنَّ هؤُلاَءِ الْقَوْمُ عَلَیْكُمْ، لَیْسَ لأَنَّهُمْ أَوْلی بِالْحَقِّ مِنْكُمْ، وَ لكِنْ لإِسْرَاعِهِمْ إِلی بَاطِلِ صَاحِبِهِمْ[76] وَ إِبْطَائِكُمْ عَنْ حَقّی. وَ لَقَدْ أَصْبَحَتِ الأُمَمُ تَخَافُ ظُلْمَ رُعَاتِهَا، وَ أَصْبَحْتُ أَخَافُ ظُلْمَ رَعِیَّتی. [صفحه 499] یَا أَهْلَ الْعِرَاقِ، إِنَّمَا أَنْتُمْ كَالْمَرْأَةِ الْحَامِلِ[77]، حَمَلَتْ، فَلَمَّا أَتَمَّتْ أَمْلَصَتْ، وَ مَاتَ قَیِّمُهَا، وَ طَالَ تَأَیُّمُهَا، وَ وَرِثَهَا أَبْعَدُهَا. أَمَا، وَ اللَّهِ، مَا أَتَیْتُكُمُ اخْتِیَاراً، وَ لاَ جِئْتُكُمْ شَوْقاً، وَ لكِنّی جِئْتُ إِلَیْكُمْ سَوْقاً. أَمْهِلُونی قَلیلاً، فَكَأَنَّكُمْ، وَ اللَّهِ، بِامْرِئٍ قَدْ جَاءَكُمْ یَحْرِمُكُمْ وَ یُعَذِّبُكُمْ، فَیُعَذِّبُهُ اللَّهُ كَمَا یُعَذِّبُكُمْ، ثُمَّ لاَ یُبْعِدُ اللَّهُ إِلاَّ مَنْ ظَلَمَ مِنْكُمْ. وَ مَا أَدْبَرَ شَیْ ءٌ فَأَقْبَلَ[78]. أَمَا إِنَّكُمْ سَتَلْقَونَ بَعْدی ذُلاً شَامِلاً، وَ سَیْفاً قَاطِعاً[79]، وَ أَثَرَةً یَتَّخِذُهَا الظَّالِمُونَ فیكُمْ سُنَّةً، تُفَرِّقُ جَمُوعَكُمْ، وَ تُبْكی عُیُونَكُمْ، وَ تُدْخِلُ الْفَقْرَ بُیُوتَكُمْ[80]. فَلاَ یَبْقی یَوْمَئِذٍ مِنْكُمْ إِلاَّ ثُفَالَةٌ كَثُفَالَةِ الْقِدْرِ، أَوْ نُفَاضَةٌ كَنُفَاضَةِ الْعِكْمِ، تَعْرِكُكُمْ عَرْكَ الأَدیمِ، وَ تَدُوسُكُمْ دَوْسَ الْحَصیدِ، وَ تَسْتَخْلِصُ الْمُؤْمِنَ مِنْ بَیْنِكُمُ اسْتِخْلاَصَ الطَّیْرِ الْحَبَّةَ الْبَطینَةَ مِنْ بَیْنِ هَزیلِ الْحَبِّ، فَتَتَمَنُّونَ، وَ اللَّهِ، عِنْدَ ذَلِكَ أَنَّكُمْ لَوْ رَأَیْتُمُونی فَنَصَرْتُمُونی، وَ قَاتَلْتُمْ مَعی، وَ قُتِلْتُمْ دُونی. وَ سَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ عَمَّا قَلیلٍ. وَ الَّذی فَلَقَ الْحَبَّةَ، وَ بَرَأَ النَّسَمَةَ، لَتَصیرُونَّ بَعْدی سَبَایَا، یُغیرُونَكُمْ وَ یُتَغَایَرُ بِكُمْ. أَمَا، وَ اللَّهِ، إِنَّ مِنْ وَرَائِكُمُ الأَعْوَرُ الأَغْبَرُ الأَدْبَرُ، جَهَنَّمُ الدُّنْیَا، لاَ یُبْقی وَ لاَ یَذَرُ، وَ مِنْ بَعْدِهِ النَّهَّاسُ الْفَرَّاسُ الْجَمُوعُ الْمَنُوعُ، ثُمَّ لَیَتَوَارَثَنَّكُمْ مِنْ بَنی أُمَیَّةَ عِدَّةٌ[81] یَقْتُلُونَ أَخْیَارَكُمْ، وَ یَسْتَعْبِدُونَ أَرَاذِلَكُمْ، [صفحه 500] وَ یَسْتَخْرِجُونَ كُنُوزَكُمْ وَ ذَخَائِرَكُمْ مِنْ جَوْفِ حِجَالِكُمْ. لَیْسَ الآخِرُ مِنْهُمْ بِأَرْأَفَ بِكُمْ مِنَ الأَوَّلِ، مَا خَلاَ رَجُلاً وَاحِداً[82]. لَمْ یَسْتَضیئُوا بِأَضْوَاءِ الْحِكْمَةِ، وَ لَمْ یَقْدَحُوا بِزِنَادِ الْعُلُومِ الثَّاقِبَةِ، فَهُمْ فی ذَلِكَ كَالأَنْعَامِ السَّائِمَةِ، وَ الصُّخُورِ الْقَاسِیَةِ. وَ أَخَذُوا یَمیناً وَ شِمَالاً، ظَعْناً فی مَسَالِكِ الْغَیِّ، وَ تَرْكاً لِمَذَاهِبِ الرُّشْدِ. ثُمَّ یَهْلِكَ بَیْنَكُمْ دینُكُمْ وَ دُنْیَاكُمْ. بَلاَءٌ قَضَاهُ اللَّهُ عَلی هذِهِ الأُمَّةِ لاَ مَحَالَةَ كَائِنٌ، نَقْمَةً بِمَا ضَیَّعْتُمْ مِنْ أُمُورِكُمْ وَ صَلاَحِ أَنْفُسِكُمْ وَ دینِكُمْ[83]. وَ اللَّهِ لاَ یَزَالُونَ حَتَّی لاَ یَدَعُوا للَّهِ مُحَرَّماً إِلاَّ اسْتَحَلُّوهُ، وَ لاَ عَقْداً إِلاَّ حَلُّوهُ. وَ حَتَّی لاَ یَبْقی بَیْتُ مَدَرٍ وَ لاَ وَبَرٍ إِلاَّ دَخَلَهُ ظُلْمُهُمْ، وَ نَزَلَ بِهِ عَیْثُهُمْ[84]، وَ نَبَا بِهِ سُوءُ رَعْیِهِمْ[85]. وَ حَتَّی یَقُومَ الْبَاكِیَانِ مِنْكُمْ[86] یَبْكِیَانِ: بَاكٍ یَبْكی لِدینِهِ، وَ بَاكٍ یَبْكی لِدُنْیَاهُ. وَ حَتَّی لاَ یَكُونَ أَحَدُكُمْ إِلاَّ نَافِعاً لَهُمْ أَوْ غَیْرَ ضَارٍّ بِهِمْ[87]. وَ حَتَّی تَكُونَ نُصْرَةُ أَحَدِكُمْ مِنْ أَحَدِهِمْ كَنُصْرَةِ الْعَبْدِ مِنْ سَیِّدِهِ، إِذَا شَهِدَ أَطَاعَهُ، وَ إِذَا غَابَ اغْتَابَهُ. وَ حَتَّی یَكُونَ أَعْظَمَكُمْ فیهَا غَنَاءً[88] أَحْسَنُكُمْ بِاللَّهِ ظَنّاً. [صفحه 501] فَلاَ تَزَالُونَ كَذَلِكَ حَتَّی تَؤُوبَ إِلَی الْعَرَبِ عَوَازِبُ أَحْلاَمِهَا. فَالْزَمُوا السُّنَنَ الْقَائِمَةَ، وَ الآثَارَ الْبَیِّنَةَ، وَ الْعَهْدَ الْقَریبَ الَّذی عَلَیْهِ بَاقِی النُّبُوَّةِ، فَإِنْ أَتَاكُمُ اللَّهُ بِعَافِیَةٍ فَاقْبَلُوا، وَ إِنِ ابْتُلیتُمْ فَاصْبِرُوا، فَإِنَّ الْعَاقَبَةَ لِلْمُتَّقینَ[89]. [ أَیُّهَا النَّاسُ، ] إِنَّ أَوَّلَ مَا تَغْلَبُونَ عَلَیْهِ مِنَ الْجِهَادِ الْجِهَادُ بِأَیْدیكُمْ، ثُمَّ بِأَلْسِنَتِكُمْ، ثُمَّ بِقُلُوبِكُمْ، فَمَنْ لَمْ یَعْرِفْ بِقَلْبِهِ مَعْرُوفاً، وَ لَمْ یُنْكِرْ مُنْكَراً، قُلِبَ[90] فَجُعِلَ أَعْلاَهُ أَسْفَلَهُ، وَ أَسْفَلُهُ أَعْلاَهُ. یَا أَهْلَ الْكُوفَةِ، أُخْبِرُكُمْ بِمَا یَكُونُ قَبْلَ أَنْ یَكُونَ، لِتَكُونُوا مِنْهُ عَلی حَذَرٍ، وَ لِتُنْذِرُوا بِهِ مَنِ اتَّعَظَ وَ اعْتَبَرَ[91]. وَ لَقَدْ بَلَغَنی أَنَّكُمْ[92] تَقُولُونَ: عَلِیٌّ یَكْذِبُ، كَمَا قَالَتْ قُرَیْشٌ لِنَبِیِّهَا وَ سَیِّدِهَا نَبِیِّ الرَّحْمَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ حَبیبِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ[93]. قَاتَلَكُمُ اللَّهُ. فَعَلی مَنْ أَكْذِبُ؟. أَعَلَی اللَّهِ أَكْذِبُ[94]، فَأَنَا أَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِهِ[95] وَ وَحَّدَهُ[96] ؟. أَمْ عَلی نَبِیِّهِ[97] صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ[98]، فَأَنَا أَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِهِ وَ[99] صَدَّقَهُ وَ نَصَرَهُ؟[100]. [صفحه 502] كَلاَّ، وَ اللَّهِ، وَ لكِنَّهَا لَهْجَةُ خُدْعَةٍ[101] غِبْتُمْ عَنْهَا، وَ لَمْ تَكُونُوا مِنْ أَهْلِهَا[102]. وَیْلُ امِّهِ، كَیْلاً بِغَیْرِ ثَمَنٍ لَوْ كَانَ لَهُ وِعَاءٌ. وَ الَّذی فَلَقَ الْحَبَّةَ وَ بَرَأَ النَّسَمَةَ[103] لَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حینٍ[104]، وَ ذَلِكَ إِذَا صَیَّرَكُمْ إِلَیْهَا جَهْلُكُمْ، وَ لاَ یَنْفَعُكُمْ عِنْدَهَا عِلْمُكُمْ. أَمَا وَ اللَّهِ[105] لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ مِمَّا طُوِیَ عَنْكُمْ غَیْبُهُ، إِذاً لَخَرَجْتُمْ إِلَی الصُّعُدَاتِ، تَبْكُونَ عَلی أَعْمَالِكُمْ، وَ تَلْتَدِمُونَ عَلی أَنْفُسِكُمْ، وَ لَتَرَكْتُمْ أَمْوَالَكُمْ لاَ حَارِسَ لَهَا، وَ لاَ خَالِفَ عَلَیْهَا، وَ لَهَمَّتْ كُلَّ امْرِئٍ مِنْكُمْ نَفْسُهُ لاَ یَلْتَفِتُ إِلی غَیْرِهَا. وَ لكِنَّكُمْ نَسیتُمْ مَا ذُكِّرْتُمْ، وَ أَمِنْتُمْ مَا حُذِّرْتُمْ، فَتَاهُ عَنْكُمْ رَأْیُكُمْ، وَ تَشَتَّتَ عَلَیْكُمْ أَمْرُكُمْ. أَیُّهَا النَّاسُ، لاَ یَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقی، وَ لاَ یَسْتَهْوِیَنَّكُمْ عِصْیَانی، وَ لاَ تَتَرَامَوْا بِالأَبْصَارِ عِنْدَ مَا تَسْمَعُونَهُ مِنّی، فَوَ الَّذی فَلَقَ الْحَبَّةَ، وَ بَرَأَ النَّسَمَةَ، إِنَّ الَّذی أُنْبِئُكُمْ بِهِ عَنِ النَّبِیِّ الأُمِّیِّ الْقُرَشِیِّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ. وَ اللَّهِ مَا كَذَبَ الْمُبَلِّغُ، وَ لاَ جَهِلَ السَّامِعُ. لَكَأَنّی أَنْظُرُ إِلی ضِلّیلٍ[106] قَدْ نَعَقَ بِالشَّامِ، وَ فَحَصَ بِرَایَاتِهِ فی ضَوَاحی كُوفَانَ، فَعَطَفَ عَلَیْهَا عَطْفَ الضَّرُوسِ، وَ فَرَشَ الأَرْضَ بِالرُّؤُوسِ، بَعیدَ الْجَوْلَةِ، عَظیمَ الصَّوْلَةِ. وَ اللَّهِ لَیُشَرِّدَنَّكُمْ فی أَطْرَافِ الأَرْضِ حَتَّی لاَ یَبْقی مِنْكُمْ إِلاَّ قَلیلٌ، كَالْكُحْلِ فِی الْعَیْنِ، وَ كَالْمِلْحِ فِی [صفحه 503] الطَّعَامِ[107]. فَإِذَا فَغَرَتْ فَاغِرَتُهُ، وَ اشْتَدَّتْ شَكیمَتُهُ، وَ ثَقُلَتْ[108] فِی الأَرْضِ وَطْأَتُهُ، عَضَّتِ الْفِتْنَةُ أَبْنَاءَهَا بِأَنْیَابِهَا، وَ مَاجَتِ الْحَرْبُ بِأَمْوَاجِهَا، وَ بَدَا مِنَ الأَیَّامِ كُلُوحُهَا، وَ مِنَ اللَّیَالی كُدُوحُهَا. فَإِذَا یَنَعَ[109] زَرْعُهُ، وَ قَامَ عَلی یَنْعِهِ[110]، وَ هَدَرَتْ شَقَاشِقُهُ، وَ بَرَقَتْ بَوَارِقُهُ، عُقِدَتْ لَهُ[111] رَایَاتُ الْفِتَنِ الْمُعْضِلَةِ، وَ أَقْبَلْنَ كَاللَّیْلِ الْمُظْلِمِ، وَ الْبَحْرِ الْمُلْتَطِمِ. هذَا، وَ كَمْ یَخْرِقُ الْكُوفَةَ مِنْ قَاصِفٍ، وَ یَمُرُّ عَلَیْهَا مِنْ عَاصِفٍ؟. وَ عَنْ قَلیلٍ تَلْتَفُّ الْقُرُونُ بِالْقُرُونِ، وَ یُحْصَدُ الْقَائِمُ، وَ یُحْطَمُ الْمَحْمُودُ. أُفٍّ لَكُمْ لَقَدْ سَئِمْتُ عِتَابَكُمْ وَ خِطَابَكُمْ. أَیُّهَا النَّاسُ[112]، مَا لَكُمْ إِذَا أَمَرْتُكُمْ أَنْ تَنْفِرُوا فی سَبیلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَی الأَرْضِ[113]، وَ سَأَلْتُمُونِیَ التَّطْویلَ[114] دِفَاعَ ذِی الدَّیْنِ الْمَطُولِ، أَرَضیتُمْ بِالْحَیَاةِ الدُّنْیَا مِنَ الآخِرَةِ[115] عِوَضاً، وَ بِالذُّلِّ وَ الْهَوَانِ[116] مِنَ الْعِزِّ وَ الْكَرَامَةِ[117] خَلَفاً؟. إِذَا[118] دَعَوْتُكُمْ إِلی جِهَادِ عَدُوِّكُمْ دَارَتْ أَعْیُنُكُمْ كَأَنَّكُمْ مِنَ الْمَوْتِ فی غَمْرَةٍ، وَ مِنَ الذُهُولِ فی [صفحه 504] سَكْرَةٍ، یُرْتَجُ عَلَیْكُمْ حِوَاری فَتَعْمَهُونَ[119]، وَ كَأَنَّ[120] قُلُوبَكُمْ مَأْلُوسَةٌ فَأَنْتُمْ لاَ تَعْقِلُونَ، وَ كَأَنَّ أَبْصَارَكُمْ كُمْهٌ فَأَنْتُمْ لاَ تُبْصِرُونَ. فَبَیِّنُوا لی مَا أَنْتُمْ فَاعِلُونَ؟. للَّهِ أَنْتُمْ. مَا أَنْتُمْ إِلاَّ أُسُودُ الشَّری فِی الدَّعَةِ، وَ ثَعَالِبُ رَوَّاغَةٌ حینَ تُدْعَوْنَ إِلَی الْبَأْسِ[121]. مَا أَنْتُمْ لی بِوَثیقَةٍ یُعْلَقُ بِهَا[122]، وَ لاَ زَوَافِرِ عِزٍّ یُعْتَصَمُ إِلَیْهَا[123]، وَ مَا أَنْتُمْ بِرُكْنٍ یُمَالُ بِكُمْ، [ وَ ] لاَ بِرَكْبٍ یُصَالُ بِكُمْ[124]. فَأَیْنَ یُتَاهُ بِكُمْ. وَ مِنْ أَیْنَ أُتیتُمْ؟. تَرِبَتْ أَیْدیكُمْ. مَا أَنْتُمْ إِلاَّ كَإِبِلٍ جَمّةٍ ضَلَّ رُعَاتُهَا[125]، فَكُلَّمَا جُمِعَتْ[126] مِنْ جَانِبٍ تَفَرَّقَتْ[127] مِنْ جَانِبٍ آخَرَ. لَبِئْسَ، لَعَمْرُ اللَّهِ، سَعْرُ[128] نَارِ الْحَرْبِ أَنْتُمْ. إِنَّكُمْ[129] تُكَادُونَ وَ لاَ تَكیدُونَ، وَ تُنْتَقَصُ أَطْرَافُكُمْ فَلاَ تَمْتَعِضُونَ، وَ لاَ یُنَامُ عَنْكُمْ وَ أَنْتُمْ فی غَفْلَةٍ سَاهُونَ. [صفحه 505] إِنَّ أَخَا الْحَرْبِ الْیَقْظَانُ. أَوْدی مَنْ غَفِلَ، وَ یَأْتِی الذُّلُّ[130] مَنْ وَادَعَ[131]. غُلِبَ، وَ اللَّهِ، الْمُتَخَاذِلُونَ. وَ الْمَغْلُوبُ مَقْهُورٌ وَ مَسْلُوبٌ[132]. وَ أَیْمُ اللَّهِ، إِنّی لأَظُنُّ بِكُمْ[133] أَنْ لَوْ حَمِسَ الْوَغی، وَ حَمِیَ الضِّرَابُ، وَ اسْتَحَرَّ الْمَوْتُ، قَدِ انْفَرَجْتُمْ عَنِ ابْنِ أَبی طَالِبٍ انْفِرَاجَ الرَّأْسِ، وَ انْفِرَاجَ الْمَرْأَةِ عَنْ قُبُلِهَا لاَ تَمْنَعُ یَدَ لاَمِسٍ[134]. مَا لی أَرَاكُمْ أَشْبَاحاً بِلاَ أَرْوَاحٍ، وَ أَرْوَاحاً بِلاَ أَشْبَاحٍ، وَ نُسَّاكاً بِلاَ صَلاَحٍ، وَ تُجَّاراً بِلاَ أَرْبَاحٍ، وَ أَیْقَاظاً نُوَّماً، وَ شُهُوداً غُیَّباً، وَ نَاظِرَةً عُمْیاً[135]، وَ سَامِعَةً صُمّاً[136]، وَ نَاطِقَةً بُكْماً؟[137]. رَایَةُ ضَلاَلَةٍ[138] قَدْ قَامَتْ عَلی قُطْبِهَا، وَ تَفَرَّقَتْ بِشُعَبِهَا، تَكیلُكُمْ بِصَاعِهَا، وَ تَخْبِطُكُمْ بِبَاعهَا قَائِدُهَا خَارِجٌ مِنَ الْمِلَّةِ، قَائِمٌ عَلَی الضِّلَّةِ. مَا بَالُكُم. مَا دَوَاؤُكُمْ. مَا طِبُّكُمْ؟. اَلْقَوْمُ رِجَالٌ أَمْثَالُكُمْ، لاَ یُنْشَرُونَ إِنْ قُتِلُوا إِلی یَوْمِ الْقِیَامَةِ[139]. أَقَوْلاً بِغَیْرِ عِلْمٍ[140]، وَ غَفْلَةً[141] مِنْ غَیْرِ وَرَعٍ، وَ طَمَعاً فی غَیْرِ حَقٍّ؟. [صفحه 506] یَا مَعْشَرَ أَهْلَ الْكُوفَةِ، وَ اللَّهِ لَتَصْبِرُنَّ عَلی قِتَالِ عَدُوِّكُمْ، أَوْ لَیُسَلِّطَنَّ اللَّهُ عَلَیْكُمْ قَوْماً أَنْتُمْ أَوْلی بِالْحَقِّ مِنْهُمْ، فَیُعَذِّبَنَّكُمْ بِهِمْ، ثُمَّ یُعَذِّبُهُمُ اللَّهُ بِمَا شَاءَ مِنْ عِنْدِهِ. وَ اللَّهِ لَتَفْعَلُنَّ مَا تُؤْمَرُونَ أَوْ لَیَرْكَبَنَّ أَعْنَاقَكُمُ الْیَهُودُ وَ النَّصَاری. أَفَمِنْ قَتْلَةٍ بِالسَّیْفِ تَحیدُونَ إِلی مَوْتَةٍ عَلَی الْفِرَاشِ؟. فَأَشْهَدُ أَنّی سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ یَقُولُ: لَمَوْتَةٌ عَلَی الْفِرَاشِ أَشَدُّ مِنْ ضَرْبَةِ أَلْفِ سَیْفٍ. أَخْبَرَنی بِهِ جِبْرَئیلُ. فَهذَا جِبْرَئیلُ یُخْبِرُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ بِمَا تَسْمَعُونَ[142]. أَیُّهَا الْقَوْمُ الشَّاهِدَةُ أَبْدَانُهُمُ، الْغَائِبَةُ عَنْهُمْ عُقُولُهُمُ، الْمُخْتَلِفَةُ أَهْوَاؤُهُمُ، الْمُبْتَلی بِهِمْ أُمَرَاؤُهُمْ، وَا عَجَباً مِنْكُمْ وَ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ[143] صَاحِبُكُمْ[144] یُطیعُ اللَّهَ وَ أَنْتُمْ تَعْصُونَهُ، وَ صَاحِبُ أَهْلِ الشَّامِ[145] یَعْصِی اللَّهَ وَ هُمْ یُطیعُونَهُ. لَوَدِدْتُ، وَ اللَّهِ، أَنَّ مُعَاوِیَةَ صَارَفَنی بِكُمْ صَرْفَ الدّینَارِ بِالدِّرْهَمِ، فَأَخَذَ مِنّی عَشَرَةً مِنْكُمْ وَ أَعْطَانی رَجُلاً مِنْهُمْ. یَا أَهْلَ الْكُوفَةِ، مُنیتُ مِنْكُمْ بِثَلاَثٍ وَ اثْنَتَیْنِ: صُمٌّ ذَوُو أَسْمَاعٍ، وَ بُكْمٌ ذَوُو كَلاَمٍ، وَ عُمْیٌ ذَوُو أَبْصَارٍ. [ ف ] إِنَّا للَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ رَاجِعُونَ. وَیْحَكُمْ[146]، أُفٍّ لَكُمْ. لَقَدْ لَقیتُ مِنْكُمْ بَرَحاً[147]. یَوْماً أُنَادیكُمْ، وَ یَوْماً أُنَاجیكُمْ، فَلاَ أَحْرَارُ صِدْقٍ عِنْدَ اللِّقَاءِ[148]، وَ لاَ إِخْوَانُ ثِقَةٍ عِنْدَ الْبَلاَءِ[149]. [صفحه 507] فَقُبْحاً لَكُمْ. أَمَا وَ اللَّهِ[150]، أَیُّهَا النَّاسُ الْمُجْتَمِعَةُ أَبْدَانُهُمُ، الْمُخْتَلِفَةُ أَهْوَاؤُهُمْ، كَلاَمُكُمْ یُوهِی[151] الصُّمَ الصِّلاَبَ، وَ فِعْلُكُمْ یُطْمِعُ فیكُمْ عَدُوَّكُمُ الْمُرْتَابَ[152]. أَیَّتُهَا النُّفُوسُ الْمُخْتَلِفَةُ، وَ الْقُلُوبُ الْمُتَشَتِّتَةُ، أَظْأَرُكُمْ عَلَی الْحَقِّ وَ أَنْتُمْ تَنْفِرُونَ عَنْهُ نُفُورَ الْمِعْزی مِنْ وَعْوَعَةِ الأسَدِ. وَیْحَكُمْ، اخْرُجُوا مَعی ثُمَّ تَفَرَّقُوا عَنّی إِنْ بَدَا لَكُمْ[153]. هَیْهَاتَ أَنْ أُطْلِعَ بِكُمْ سِرَارَ الْعَدْلِ، أَوْ أُقیمَ اعْوِجَاجَ الْحَقِّ. مَا عَزَّتْ دَعْوَةُ مَنْ دَعَاكُمْ[154]، وَ لاَ اسْتَرَاحَ قَلْبُ مَنْ قَاسَاكُمْ، وَ لاَ قَرَّتْ عَیْنُ مَنْ آوَاكُمْ[155]. تَقُولُونَ فِی الْمَجَالِسِ كَیْتَ وَ كَیْتَ، فَإِذَا جَاءَ الْقِتَالُ قُلْتُمْ: حِیْدی حَیَادِ. هَیْهَاتَ هَیْهَاتَ[156]، لاَ یَمْنَعُ الضَّیْمَ الذَّلیلُ، وَ لاَ یُدْرَكُ الْحَقُّ إِلاَّ بِالْجِدِّ وَ الصَّبْرِ[157] كَمْ أُدَاریكُمْ كَمَا تُدَارَی الْبِكَارُ الْعَمِدَةُ، وَ الثِّیَابُ الْمُتَدَاعِیَةُ، كُلَّمَا حیصَتْ مِنْ جَانِبٍ تَهَتَّكَتْ مِنْ آخَرَ عَلی صَاحِبِهَا. [صفحه 508] مَا لَكُمْ، یَا أَهْلَ الْكُوفَةِ[158]، كُلَّمَا أَطَلَّ عَلَیْكُمْ مَنْسِرٌ مِنْ مَنَاسِرِ أَهْلِ الشَّامِ، أَغْلَقَ كُلُّ رَجُلٍ[159] مِنْكُمْ عَلَیْهِ[160] بَابَهُ، وَ انْجَحَرَ فی بَیْتِهِ[161] انْجِحَارَ الضُّبَّةِ فِی جُحْرِهَا، وَ الضَّبُعِ فی وِجَارِهَا؟. فَیَا عَجَباً عَجَباً. وَ كَیْفَ لاَ أَعْجَبُ كُلَّ الْعَجَبِ[162] ؟. وَ اللَّهِ یُمیتُ الْقَلْبَ، وَ یَجْلِبُ الْهَمَّ، وَ یُشْعِلُ الأَحْزَانَ، اجْتِمَاعُ[163] هؤُلاَءِ الْقَوْمِ عَلی بَاطِلِهِمْ، وَ تَفَرُّقُكُمْ[164] عَنْ حَقِّكُمْ. [ أَیُّهَا النَّاسُ ] إِنَّ مِثْلَ مُعَاوِیَةَ لاَ یَجُوزُ أَنْ یَكُونَ أَمیناً عَلی الدِّمَاءِ وَ الأَحْكَامِ وَ الْفُرُوجِ وَ الْمَغَانِمِ وَ الصَّدَقَةِ، [ فَهُوَ ] الْمُتَّهَمُ فی نَفْسِهِ وَ دینِهِ، الْمُجَرَّبُ بِالْخِیَانَةِ لِلأَمَانَةِ، النَّاقِضُ لِلسُّنَّةِ، الْمُسْتَأْصِلُ لِلذِّمَّةِ، التَّارِكُ لِلْكِتَابِ، اللَّعینُ ابْنُ اللَّعینِ، لَعَنَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ فی عَشَرَةِ مَوَاطِنَ، وَ لَعَنَ أَبَاهُ وَ أَخَاهُ[165]. وَ قَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّهُ لاَ یَنْبَغی أَنْ یَكُونَ الْوَالی عَلَی الْفُرُوجِ وَ الدِّمَاءِ وَ الْمَغَانِمِ وَ الأَحْكَامِ وَ أَمَانَةِ[166] الْمُسْلِمینَ وَ أُمُورِ الْمُؤْمِنینِ[167] الْبَخیلُ فَتَكُونَ فی أَمْوَالِهِمْ نَهْمَتُهُ، وَ لاَ الْجَاهِلُ فَیُضِلَّهُمْ [صفحه 509] بِجَهْلِهِ، وَ لاَ الْجَافی فَیَقْطَعَهُمْ[168] بِجَفَائِهِ، وَ لاَ الْحَائِفُ لِلدُّوَلِ[169] فَیَتَّخِذَ قَوْماً دُونَ قَوْمٍ، وَ لاَ الْمُرْتَشی فِی الْحُكْمِ فَیَذْهَبَ بِالْحُقُوقِ، وَ یَقِفَ بِهَا دُونَ الْمَقَاطِعِ، وَ لاَ الْمُعَطِّلُ لِلسُّنَّةِ فَیُهْلِكَ الأُمَّةَ[170]، وَ لاَ الْبَاغی فَیَدْحَضَ الْحَقَّ، وَ لاَ الْفَاسِقُ فَیَشینَ الشَّرْعَ[171]. أَیُّهَا النَّاسُ، إِنّی، وَ اللَّهِ، مَا أَحُثُّكُمْ عَلی طَاعَةٍ إِلاَّ وَ أَسْبِقُكُمْ إِلَیْهَا، وَ لاَ أَنْهَاكُمْ عَنْ مَعْصِیَةٍ إِلاَّ وَ أَتَنَاهی قَبْلَكُمْ عَنْهَا. وَ إِنَّ مِنْ ذُلِّ الْمُسْلِمینَ، وَ هَلاَكِ هذَا الدِّینِ، أَنَّ بُنَیَّ أَبی سُفْیَانَ یَدْعُو الأَرْذَالَ وَ الأَشْرَارَ فَیُجیبُونَ، وَ أَنَا أَدْعُوكُمْ وَ أَنْتُمُ الأَفْضَلُونَ وَ الأَخْیَارُ فَتُرَاوِغُونَ وَ تُدَافِعُونَ. مَا هذَا بِفِعْلِ الْمُتَّقینَ. أَ أَجْلاَفُ أَهْلِ الشَّامِ وَ أَعْرَابُهَا أَصْبَرُ عَلی نُصْرَةِ الضَلاَلِ مِنْكُمْ عَلی هُدَاكُمْ وَ حَقِّكُمْ؟[172]. فَقُبْحاً لَكُمْ وَ تَرَحاً، حینَ قَدْ صِرْتُمْ[173] غَرَضاً یُرْمی، یُغَارُ عَلَیْكُمْ وَ لاَ تُغیرُونَ، وَ تُغْزَوْنَ وَ لاَ تَغْزُونَ، وَ یُفْضی إِلَیْكُمْ فَلاَ تَأْنَفُونَ[174]، وَ یُعْصَی اللَّهُ وَ تَرْضَوْنَ. فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِالسَّیْرِ إِلَیْهِمْ فِی الصَّیْفِ[175]، قُلْتُمْ: هذِهِ حَمَارَّةُ الْقَیْظِ، أَمْهِلْنَا حَتَّی[176] یُسَبَّخْ عَنَّا الْحَرُّ، وَ إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِالسَّیْرِ إِلَیْهِمْ فِی الشِّتَاءِ، قُلْتُمْ: هذِهِ صَبَارَّةُ الْقُرِّ، أَمْهِلْنَا حَتَّی[177] یَنْسَلِخْ[178] عَنَّا الْبَرْدُ. كُلُّ هذَا فِرَاراً مِنَ الْحَرِّ وَ الْقُرِّ[179]. [صفحه 510] فَإِذَا كُنْتُمْ مِنَ الْحَرِّ وَ الْقُرِّ تَفِرُّونَ، فَأَنْتُمْ، وَ اللَّهِ، مِنَ السَّیْفِ أَفَرُّ. فَإِنَّا للَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ رَاجِعُونَ. أَفَتَرَوْنَ عَدُوَّكُمْ لاَ یَجِدُ الْقُرَّ كَمَا تَجِدِونَهُ. وَ لكِنَّكُمْ أَشْبَهْتُمْ قَوْماً قَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: انْفِرُوا فی سَبیلِ اللَّهِ، فَقَالَ كُبَرَاؤُهُمْ: لاَ تَنْفِرُوا فِی الْحَرِّ، فَقَالَ اللَّهُ لِنَبِیِّهِ: قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّاً لَوْ كَانُوا یَفْقَهُونَ[180]. یَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرینَ وَ الأَنْصَارِ، وَ جَمَاعَةَ مَنْ سَمِعَ كَلامی، أَ وَ مَا أَوْجَبْتُمْ لی عَلی أَنْفُسِكُمُ الطَّاعَةَ؟. أَ مَا بَایَعْتُمُونی عَلَی الرَّغْبَةِ؟. أَلَمْ آخُذْ عَلَیْكُمُ الْعَهْدَ بِالْقَبُولِ لِقَوْلی؟. أَمَا كَانَتْ بَیْعَتی لَكُمْ یَوْمَئِذٍ أَوْكَدُ مِنْ بَیْعَةِ أَبی بَكْرٍ وَ عُمَرَ، فَمَا بَالُ مَنْ خَالَفَنی لَمْ یَنْقُضْ عَلَیْهِمَا حَتَّی مَضَیَا، وَ نَقَضَ عَلَیَّ وَ لَمْ یَفِ لی؟. أَمَا تَعْلَمُونَ أَنَّ بَیْعَتی تَلْزَمُ الشَّاهِدَ مِنْكُمْ وَ الْغَائِبَ، فَمَا بَالُ مُعَاوِیَةَ وَ أَصْحَابُهُ طَاعِنینَ فی بَیْعَتی، وَ لِمَ لَمْ یَفُوا بِهَا لی وَ أَنَا فی قَرَابَتی وَ سَابِقَتی وَ صِهْری أَوْلی بِالأَمْرِ مِمَّنْ تَقَدَّمَنی؟. أَمَا سَمِعْتُمْ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ یَوْمَ الْغَدیرِ فی وِلاَیَتی وَ مُوَالاَتی؟. فَاتَّقُوا اللَّهَ، أَیُّهَا الْمُسْلِمُونَ، وَ تَحَاثُّوا عَلی جِهَادِ مُعَاوِیَةَ النَّاكِثِ الْقَاسِطِ وَ أَصْحَابِهِ الْقَاسِطینَ. إِسْمَعُوا مَا أَتْلُو عَلَیْكُمْ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ الْمُنْزَلِ عَلی نَبِیِّهِ الْمُرْسَلِ لِتَتَّعِظُوا بِهِ، فَإِنَّهُ، وَ اللَّهِ، عِظَةٌ لَكُمْ، فَانْتَفِعُوا بِمَوَاعِظِ اللَّهِ، وَ ازْدَجِرُوا عَنْ مَعَاصِی اللَّهِ، فَقَدْ وَعَظَكُمْ اللَّهُ بِغَیْرِكُمْ، فَقَالَ لِنَبِیِّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: أَلَمْ تَرَ إِلَی الْمَلإ مِنْ بَنی إِسْرَائیلَ مِنْ بَعْدِ مُوسی إِذْ قَالُوا لِنَبِیٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكاً نُقَاتِلْ فی سَبیلِ اللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَیْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَیْكُمُ الْقِتَالُ أَن لاَ تُقَاتِلُوا قَالُوا وَ مَا لَنَا أَنْ لاَ نُقَاتِلَ فی سَبیلِ اللَّهِ وَ قَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِیَارِنَا وَ أَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَیْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلاَّ قَلیلاً مِنْهُمْ وَ اللَّهُ عَلیمٌ بِالظَّالِمینَ وَ قَالَ لَهُمْ نَبِیُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكاً قَالُوا أَنَّی یَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَیْنَا وَ نَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَ لَمْ یُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَیْكُمْ وَ زَادَهُ بَسْطَةً فِی الْعِلْمِ وَ الْجِسْمِ وَ اللَّهُ یُؤْتی مُلْكَهُ مَنْ یَشَاءُ وَ اللَّهُ وَاسِعٌ عَلیمٌ[181]. یَا أَیُّهَا النَّاسُ، إِنَّ لَكُمْ فی هذِهِ الآیَاتِ عِبْرَةً لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ تَعَالی جَعَلَ الْخِلاَفَةَ وَ الإِمْرَةَ مِنْ [صفحه 511] بَعْدِ الأَنْبِیَاءِ فی أَعْقَابِهِمْ، وَ أَنَّهُ فَضَّلَ طَالُوتَ وَ قَدَّمَهُ عَلَی الْجَمَاعَةِ بِاصْطِفَائِهِ إِیَّاهُ وَ زِیَادَتِهِ بَسْطَةً فِی الْعِلْمِ وَ الْجِسْمِ. فَهَلْ تَجِدُونَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ اصْطَفی بَنی أُمَیَّةَ عَلی بَنی هَاشِمٍ، وَ زَادَ مُعَاوِیَةَ عَلَیَّ بَسْطَةً فِی الْعِلْمِ وَ الْجِسْمِ؟. فَاتَّقُوا اللَّهَ، عِبَادَ اللَّهِ، وَ جَاهِدُوا فی سَبیلِهِ قَبْلَ أَنْ یَنَالَكُمْ سَخَطُهُ بِعِصْیَانِكُمْ لَهُ. قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: لُعِنَ الَّذینَ كَفَرُوا مِنْ بَنی إِسْرَائیلَ عَلی لِسَانِ دَاوُود وَ عیسَی بْنِ مَرْیَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَ كَانُوا یَعْتَدُونَ كَانُوا لاَ یَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا یَفْعَلُونَ[182]. وَ قَالَ تَعَالی: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذینَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ یَرْتَابُوا وَ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ فی سَبیلِ اللَّهِ أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ[183]. وَ قَالَ تَعَالی: یَا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلی تِجَارَةٍ تُنْجیكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلیمٍ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ تُجَاهِدُونَ فی سَبیلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَیْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ یَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَ یُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْری مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَ مَسَاكِنَ طَیِّبَةً فی جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظیمُ[184]. إِتَّقُوا اللَّهَ، عِبَادَ اللَّهِ، وَ تَحَاثُّوا عَلَی الْجِهَادِ مَعَ إِمَامِكُمْ، فَلَوْ كَانَ لی مِنْكُمْ عِصَابَةٌ بِعَدَدِ أَهْلِ بَدْرٍ، إِذَا أَمَرْتُهُمْ أَطَاعُونی، وَ إِذَا اسْتَنْهَضْتُهُمْ نَهَضُوا مَعی، لاسْتَغْنَیْتُ بِهِمْ عَنْ كَثیرٍ مِنْكُمْ، وَ أَسْرَعْتُ النُّهُوضَ إِلی حَرْبِ مُعَاوِیَةَ وَ أَصْحَابِهِ، فَإِنَّهُ الْجِهَادُ الْمَفْرُوضُ[185]. أَیُّهَا النَّاسُ، إِنّی قَدْ بَثَثْتُ لَكُمُ الْمَوَاعِظَ الَّتی وَعَظَ الأَنْبِیَاءُ بِهَا أُمَمَهُمْ، وَ أَدَّیْتُ إِلَیْكُمْ مَا أَدَّتِ الأَوْصِیَاءُ إِلی مَنْ بَعْدَهُمْ، [ وَ ] عَاتَبْتُكُمْ بِمَوَاعِظِ الْقُرْآنِ فَلَمْ أَنْتَفِعْ بِكُمْ[186]، وَ أَدَّبْتُكُمْ بِالدِّرَّةِ الَّتی أَعِظُ بِهَا السُّفَهَاءَ فَلَمْ تَرْعَوُوا، وَ عَاقَبْتُكُمْ[187] بِسَوْطِیَ[188] الَّذی أُقیمُ بِهِ حُدُودَ رَبِّی[189] فَلَمْ تَسْتَقیمُوا، [صفحه 512] وَ حَدَوْتُكُمْ بِالزَّوَاجِرِ فَلَمْ تَسْتَوْسِقُوا. للَّهِ أَنْتُمْ أَتَتَوَقَّعُونَ إِمَاماً غَیْری یَطَأُ بِكُمُ الطَّریقَ، وَ یُرْشِدُكُمُ السَّبیلَ؟. أَمَا وَ اللَّهِ[190] إِنّی لَعَالِمٌ بِمَا یُصْلِحُكُمْ، وَ یُقیمُ أَوَدَكُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ،[191] وَ لكِنّی لاَ أَری[192] إِصْلاَحَكُمْ بِإِفْسَادِ نَفْسی[193]. وَ لكِنْ سَیُسَلَّطُ عَلَیْكُمْ بَعْدی سُلْطَانٌ صَعْبٌ، لاَ یُوَقِّرُ كَبیرَكُمْ، وَ لاَ یَرْحَمُ صَغیرَكُمْ، وَ لاَ یُكْرِمُ عَالِمَكُمْ، وَ لاَ یَقْسِمُ الْفَیْ ءَ بِالسَّوِیَّةِ بَیْنَكُمْ، وَ لَیَضْرِبَنَّكُمْ، وَ لَیُذِلِّنَّكُمْ، وَ لَیُجَهِّزَنَّكُمْ فِی الْمَغَازی، وَ لَیَقْطَعَنَّ سُبُلَكُمْ، وَ لَیَحْجُبَنَّكُمْ عَلی بَابِهِ، حَتَّی یَأْكُلَ قَوِیُّكُمْ ضَعیفَكُمْ، فَیَنْتَقِمُ لی مِنْكُمْ. فَلاَ دُنْیَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا، وَ لاَ آخِرَةَ صِرْتُمْ إِلَیْهَا، فَبُعْداً وَ سُحْقاً لأَصْحَابِ السَّعیرِ[194]. أَمَا، وَ اللَّهِ، لَیُسَلَّطَنَّ عَلَیْكُمْ غُلاَمُ ثَقیفٍ، الذَّیَّالُ الْمَیَّالُ، یَأْكُلُ خَضِرَتَكُمْ، وَ یُذیبُ شَحْمَتَكُمْ. إیهٍ أَبَا وَذَحَةَ. فَعِنْدَ ذَلِكَ أَخَذَ الْبَاطِلُ مَآخِذَهُ[195]، وَ رَكِبَ الْجَهْلُ مَرَاكِبَهُ[196]، وَ عَظُمَتِ الطَّاغِیَةُ، وَ قَلَّتِ الدَّاعِیَةُ[197]، وَ صَالَ الدَّهْرُ صِیَالَ السَّبُعِ الْعَقُورِ، وَ هَدَرَ فَنیقُ الْبَاطِلِ بَعْدَ كُظُومٍ، وَ تَوَاخَی النَّاسُ عَلَی الْفُجُورِ، وَ تَهَاجَرُوا عَلَی الدّینِ، وَ تَحَابُّوا عَلَی الْكَذِبِ، وَ تَبَاغَضُوا عَلَی الصِّدْقِ. فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَانَ الْوَلَدُ غَیْظاً، وَ الْمَطَرُ قَیْظاً، وَ یَفیضُ اللِّئَامُ فَیْضاً، وَ یَغیضُ الْكِرَامُ غَیْضاً، وَ كَانَ أَهْلُ ذَلِكَ الزَّمَانِ ذِئَاباً، وَ سَلاَطینُهُ سِبَاعاً، وَ أَوْسَاطُهُ أُكَّالاً[198]، وَ فُقَرَاؤُهُ أَمْوَاتاً، قَدْ ظَهَرَ أَهْلُ [صفحه 513] الشَّرِّ، وَ بَطَنَ أَهْلُ الْخَیْرِ[199]، وَ غَارَ[200] الصِّدْقُ، وَ فَاضَ الْكَذِبُ، وَ اسْتُعْمِلَتِ الْمَوَدَّةُ بِاللِّسَانِ، وَ تَشَاجَرَ النَّاسُ بِالْقُلُوبِ، وَ صَارَ الْفُسُوقُ نَسَباً، وَ الْعَفَافُ عَجَباً، وَ لُبِسَ الإِسْلاَمُ لُبْسَ الْفَرْوِ مَقْلُوباً. أَضْرَعَ اللَّهُ خُدُودَكُمْ، وَ أَتْعَسَ جُدُودَكُمْ، وَ جَعَلَ دَائِرَةَ السَّوْءِ عَلَیْكُمْ[201]، لاَ تَعْرِفُونَ الْحَقَّ كَمَعْرِفَتِكُمُ الْبَاطِلَ، وَ لاَ تُبْطِلُونَ الْبَاطِلَ كَإِبْطَالِكُمُ الْحَقَّ. یَا وَیْحَكُمْ[202]، أَیَّ دَارٍ بَعْدَ دَارِكُمْ تَمْنَعُونَ، وَ مَعَ أَیِّ إِمَامٍ بَعْدی تُقَاتِلُونَ؟. اَلذَّلیلُ، وَ اللَّهِ، مَنْ نَصَرْتُمُوهُ، [ وَ ] الْمَغْرُورُ، وَ اللَّهِ، مَنْ غَرَرْتُمُوهُ، وَ مَنْ فَازَ بِكُمْ فَقَدْ فَازَ، وَ اللَّهِ، بِالسَّهْمِ[203] الأَخْیَبِ، وَ مَنْ رُمِیَ[204] بِكُمْ فَقَدْ رُمِیَ[205] بِأَفْوَقِ نَاصِلٍ. أَصْبَحْتُ، وَ اللَّهِ، لاَ أُصَدِّقُ قَوْلَكُمْ، وَ لاَ أَطْمَعُ فی نَصْرِكُمْ، وَ لاَ أُوعِدُ الْعَدُوَّ بِكُمْ. إِنَّكُمْ، وَ اللَّهِ، لَكَثیرٌ فِی السَّاحَاتِ[206]، قَلیلٌ تَحْتَ الرَّایَاتِ. وَ لَوَدِدْتُ أَنَّ اللَّهَ فَرَّقَ بَیْنی وَ بَیْنَكُمْ، وَ أَلْحَقَنی بِمَنْ هُوَ أَحَقُّ بی مِنْكُمْ، وَ أَعْقَبَكُمْ بَعْدی مَنْ هُوَ شَرُّ لَكُمْ مِنّی. أَمَا وَ اللَّهِ، لَوْ أَجِدُ بُدّاً مِنْ كَلاَمِكُمْ، وَ مُرَاسَلَتِكُمْ، وَ خِطَابِكُمْ، وَ الْعِتَابِ إِلَیْكُمْ، مَا فَعَلْتُ. وَ لَقَدْ عَاتَبْتُكُمْ فی رُشْدِكُمْ حَتَّی سَئِمْتُ، وَ أَنْتُمْ فی كُلِّ ذَلِكَ تُرَاجِعُونی بِالْهُزْءِ مِنَ الْقَوْلِ حَتَّی بَرِمْتُ، هُزْءٍ مِنَ الْقَوْلِ لاَ یُعَادُ بِهِ، وَ خَطَلٍ لاَ یُعَزُّ أَهْلُهُ، فِرَاراً مِنَ الْحَقِّ، وَ إِخْلاَداً إِلَی الْبَاطِلِ. وَ إِنّی لأَعْلَمُ أَنَّكُمْ لاَ تَزیدُونَنی غَیْرَ تَخْسیرٍ[207]. [صفحه 514] یَا أَشْبَاهَ الرِّجَالِ وَ لاَ رِجَالَ، وَ یَا طَغَامَ الأَحْلاَمِ[208]، یَا حُلُومَ الأَطْفَالِ، وَ یَا عُقُولَ رَبَّاتِ الْحِجَالِ، وَ اللَّهِ[209] لَوَدِدْتُ أَنّی لَمْ أَرَكُمْ، وَ لَمْ أَعْرِفْكُمْ، فَإِنَّهَا[210] مَعْرِفَةٌ، وَ اللَّهِ، جَرَّتْ نَدَماً، وَ أَعْقَبَتْ سَدَماً[211]. قَاتَلَكُمُ اللَّهُ. لَقَدْ مَلَأْتُمْ قَلْبی قَیْحاً، وَ شَحَنْتُمْ صَدْری غَیْظاً، وَ جَرَّعْتُمُونی نُغَبَ التَّهْمَامِ أَنْفَاساً، وَ أَفْسَدْتُمْ عَلَیَّ رَأْیی بِالْعِصْیَانِ وَ الْخِذْلاَنِ، حَتَّی قَالَتْ قُرَیْشٌ: إِنَّ ابْنَ أَبی طَالِبٍ رَجُلٌ شُجَاعٌ وَ لكِنْ لاَ عِلْمَ لَهُ بِالْحَرْبِ. للَّهِ أَبُوهُمْ وَ هَلْ كَانَ[212] أَحَدٌ مِنْهُمْ أَعْلَمُ بِهَا، وَ[213] أَشَدُّ لَهَا مِرَاساً، وَ أَقْدَمُ فیهَا مَقَاماً مِنّی؟. وَ اللَّهِ[214] لَقَدْ نَهَضْتُ فیهَا وَ مَا بَلَغْتُ الْعِشْرینَ، وَ هَا أَنَا[215] قَدْ ذَرَّفْتُ[216] الْیَوْمَ[217] عَلَی السِّتّینَ، وَ لكِنْ لاَ رَأْیَ[218] لِمَنْ لاَ یُطَاعُ. لاَ رَأْیَ لِمَنْ لاَ یُطَاعُ. لاَ رَأْیَ لِمَنْ لاَ یُطَاعُ. أَیُّهَا النَّاسُ[219]، وَ اللَّهِ مَا مُعَاوِیَةُ بِأَدْهی مِنّی، وَ لكِنَّهُ یَغْدِرُ وَ یَفْجُرُ. وَ لَوْلاَ كَرَاهِیَةُ الْغَدْرِ لَكُنْتُ مِنْ أَدْهَی[220] النَّاسِ، وَ لكِنْ كُلُّ غُدَرَةٍ فُجَرَةٌ، وَ كُلُّ فُجَرَةٍ كُفَرَةٌ. [صفحه 515] أَلاَ وَ إِنَّ الْغَدْرَ وَ الْفُجُورَ وَ الْخِیَانَةَ فِی النَّارِ. أَلاَ وَ إِنَّ[221] لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ یُعْرَفُ بِهِ یَوْمَ الْقِیَامَةِ. وَ اللَّهِ مَا أُسْتَغْفَلُ بِالْمَكیدَةِ[222]، وَ لاَ أُسْتَغْمَزُ بِالشَّدیدَةِ. عَجَباً لابْنِ النَّابِغَةِ، یَزْعُمُ لأَهْلِ الشَّامِ أَنَّ فِیَّ دُعَابَةٌ، وَ أَنِّی امْرُؤٌ تِلْعَابَةٌ[223]، أُعَافِسُ وَ أُمَارِسُ. لَقَدْ قَالَ، وَ اللَّهِ[224]، بَاطِلاً، وَ نَطَقَ، قَبَّحَهُ اللَّهُ وَ تَرَّحَهُ[225]، آثِماً. أَمَا، وَ شَرُّ الْقَوْلِ الْكَذِبُ، إِنَّهُ لَیَقُولُ فَیَكْذِبُ، وَ یَعِدُ فَیُخْلِفُ، وَ یَحْلِفُ فَیَحْنَثُ[226]، وَ یُسْأَلُ فَیَبْخَلُ، وَ یَسْأَلُ فَیُلْحِفُ، وَ یَخُونُ الْعَهْدَ، وَ یَقْطَعُ الإِلَّ، فَإِذَا كَانَ عِنْدَ الْحَرْبِ فَأَیُّ زَاجِرٍ وَ آمِرٍ هُوَ مَا لَمْ تَأْخُذِ السُّیُوفُ مَآخِذَهَا مِنْ هَامِ الرِّجَالِ[227]. فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ[228] كَانَ أَكْبَرُ مَكیدَتِهِ أَنْ یُبَرْقِطَ وَ[229] یَمْنَحَ الْقَوْمَ[230] سُبَّتَهُ[231]. أَمَا وَ اللَّهِ إِنَّنی لَیَمْنَعُنی مِنَ اللَّعِبِ وَ الْعِفَاسِ وَ الْمِرَاسِ[232] ذِكْرُ الْمَوْتِ وَ خَوْفُ الْبَعْثِ وَ الْحِسَابِ، وَ مَنْ كَانَ ذَا قَلْبٍ فَفی هذَا عَنْ هذَا لَهُ وَاعِظٌ وَ زَاجِرٌ[233]. وَ إِنَّهُ لَیَمْنَعُهُ مِنْ قَوْلِ الْحَقِّ نِسْیَانُ الآخِرَةِ. إِنَّهُ لَمْ یُبَایِعْ مُعَاوِیَةَ حَتَّی شَرَطَ لَهُ أَنْ یُؤْتِیَهُ أَتِیَّةً، وَ یَرْضَخَ لَهُ عَلی تَرْكِ دینِهِ[234] رَضیخَةً. [صفحه 516] أَمَا، وَ اللَّهِ، لَوَدِدْتُ أَنَّ رَبّی قَدْ أَخْرَجَنی مِنْ بَیْنِ أَظْهُرِكُمْ إِلی رِضْوَانِهِ. وَ إِنَّ الْمَنِیَّةَ لَتَرْصُدُنی، فَمَا یَمْنَعُ أَشْقَاهَا أَنْ یَخْضِبَهَا [ و ترك علیه السلام یده علی رأسه و لحیته ] خِضَابَ دَمٍ لاَ خِضَابَ عِطْرٍ وَ لاَ عَبیرٍ؟. فَوَ اللَّهِ إِنَّ ذَلِكَ لَفی عَهْدٍ عَهِدَهُ إِلَیَّ النَّبِیُّ الأُمِیُّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ، وَ قَدْ خَابَ مَنِ افْتَری، وَ نَجَا مَنِ اتَّقی، وَ صَدَّقَ بِالْحُسْنی[235]. [ ثم رفع علیه السلام یدیه بالدعاء فقال: ] اَللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ یَكُنِ الَّذی كَانَ مِنَّا مُنَافَسَةً فی سُلْطَانٍ، وَ لاَ الْتِمَاسَ شَیْ ءٍ مِنْ فُضُولِ الْحُطَامِ، وَ لكِنْ لِنَرُدَّ الْمَعَالِمَ مِنْ دینِكَ، وَ نُظْهِرَ الإِصْلاَحَ فی بِلاَدِكَ، فَیَأْمَنَ الْمَظْلُومُونَ مِنْ عِبَادِكَ، وَ تُقَامَ الْمُعَطَّلَةُ مِنْ حُدُودِكَ. اَللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ[236] أَنّی أَوَّلُ مَنْ أَنَابَ، وَ سَمِعَ وَ أَجَابَ، لَمْ یَسْبِقْنی إِلاَّ رَسُولُكَ[237] صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ بِالصَّلاَةِ. [ ثم قال علیه السلام: أَیُّهَا النَّاسُ، ] أَمَا إِنَّهُ سَیَظْهَرُ عَلَیْكُمْ بَعْدی رَجُلٌ رَحْبُ الْبُلْعُومِ، مُنْدَحِقُ الْبَطْنِ، یَأْكُلُ مَا یَجِدُ، وَ یَطْلُبُ مَا لاَ یَجِدُ، فَاقْتُلُوهُ، وَ لَنْ تَقْتُلُوهُ. أَلاَ وَ إِنَّهُ سَیَأْمُرُكُمْ بِسَبّی وَ الْبَرَاءَةِ مِنّی، وَ سَتُذْبَحُونَ عَلَیْهِ[238]، فَأَمَّا إِنْ عَرَضَ عَلَیْكُمُ[239] السَّبَّ، وَ خِفْتُمْ عَلی أَنْفُسِكُمْ[240]، فَسُبُّونی، فَإِنَّهُ لی زَكَاةٌ، وَ لَكُمْ نَجَاةٌ، وَ أَمَّا إِنْ عَرَضَ عَلَیْكُمُ[241] الْبَرَاءَةَ فَمُدُّوا الرِّقَابَ وَ[242] لاَ تَتَبَرَّؤُوا مِنّی، فَإِنّی وُلِدْتُ عَلَی الْفِطْرَةِ، وَ سَبَقْتُ إِلَی الإیمَانِ وَ الْهِجْرَةِ، وَ إِنّی عَلی دینِ [صفحه 517] مُحَمَّدٍ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ. فَمَنْ تَبَرَّأَ مِنّی فَلاَ دُنْیَا لَهُ وَ لاَ آخِرَةَ. أَلاَ وَ إِنَّهُ لاَ یَزَالُ الْبَلاَءُ بِكُمْ مِنْ بَعْدی، حَتَّی یَكُونَ الْمُحِبُّ لی وَ الْمُتَّبِعُ، أَذَلَّ فی أَهْلِ زَمَانِهِ مِنْ فَرْخِ الأَمَةِ، ذَلِكَ بِمَا كَسَبَتْ أَیْدیكُمْ بِرِضَاكُمْ بِالدُّنْیَا الدَّنِیَّةِ. أَلاَ وَ إِنَّهُ لاَ بُدَّ مِنْ رَحیً تَطْحَنُ عَلی ضَلاَلَةٍ وَ تَدُورُ، فَإِذَا قَامَتْ عَلی قُلْبِهَا طَحَنَتْ بِحِدَّتِهَا. أَلاَ إِنَّ لِطَحْنَتِهَا رَوْقاً، وَ رَوْقُهَا حِدَّتُهَا، وَ فَلُّهَا عَلَی اللَّهِ تَعَالی[243]. أَلاَ فَتَوَقَّعُوا مَا یَكُونُ مِنْ إِدْبَارِ أُمُورِكُمْ، وَ انْقِطَاعِ وُصَلِكُمْ، وَ تَشَتُّتِ أُلْفَتِكُمْ[244]، وَ اسْتِعْمَالِ صِغَارِكُمْ، وَ إِنَّمَا یَكُونُ ذَلِكَ عِنْدَ تَمَرُّدِ الأَشْرَارِ، وَ طَاعَةِ أُولِی الْخَسَارِ[245]. ذَلِكَ أَوَانُ الْحَتْفِ وَ الدَّمَارِ. ذَلِكَ عِنْدَ ظُهُورِ الْعِصْیَانِ، وَ انْتِشَارِ الْفُسُوقِ[246]، حَیْثُ تَكُونُ ضَرْبَةُ السَّیْفِ عَلَی الْمُؤْمِنِ أَهْوَنَ مِنِ اكْتِسَابِ[247] الدِّرْهَمِ مِنْ حِلِّهِ. ذَاكَ حینَ لاَ تُنَالُ الْمَعیشَةُ إِلاَّ بِمَعْصِیَةِ اللَّهِ فی سَمَائِهِ[248]، حَیْثُ یَكُونُ الْمُعْطی أَعْظَمُ أَجْراً مِنَ الْمُعْطی. ذَاكَ حَیْثُ[249] تَسْكَرُونَ مِنْ غَیْرِ شَرَابٍ، بَلْ مِنَ النِّعْمَةِ وَ النَّعیمِ، وَ تَحْلِفُونَ مِنْ غَیْرِ اضْطِرَارٍ، وَ تَظْلِمُونَ مِنْ غَیْرِ مَنْفَعَةٍ[250]، وَ تَكْذِبُونَ مِنْ غَیْرِ إِحْرَاجٍ[251]، تَتَفَكَّهُونَ بِالْفُسُوقِ، وَ تَتَبَادَرُونَ بِالْمَعْصِیَةِ، قَوْلُكُمُ الْبُهْتَانُ، وَ حَدیثُكُمُ الزُّورُ، وَ أَعْمَالُكُمُ الْغُرُورُ. فَعِنْدَ ذَلِكَ لاَ تَأْمَنُونَ الْبَیَاتَ. فَیَا لَهُ مِنْ بَیَاتٍ مَا أَشَدَّ ظُلْمَتَهُ. وَ مِنْ صَائِحٍ مَا أَفْظَعَ صَوْتَهُ. [صفحه 518] ذَلِكَ بَیَاتٌ لاَ یَتَمَنَّی صَاحِبُهُ صَبَاحَةً. فَعِنْدَ ذَلِكَ تُقْتَلُونَ، وَ بِأَنْوَاعِ الْبَلاَءِ تُضْرَبُونَ، وَ بِالسَّیْفِ تُحْصَدُونَ، وَ إِلَی النَّارِ تَصیرُونَ[252]. ذَلِكَ إِذَا عَضَّكُمُ[253] الْبَلاَءُ كَمَا یَعَضُّ الْقَتَبُ غَارِبَ الْبَعیرِ. مَا أَطْوَلَ هذَا الْعَنَاءَ، وَ أَبْعَدَ هذَا الرَّجَاءَ؟. وَ أَیْمُ اللَّهِ مَا أَرَاكُمْ تَفْعَلُونَ حَتَّی یُفْعَلَ بِكُمْ. وَ لَوَدِدْتُ أَنّی قَدْ رَأَیْتُهُمْ فَلَقیتُ اللَّهَ عَلی نِیَّتی وَ بَصیرَتی وَ یَقینی، فَاسْتَرَحْتُ مِنْ مُقَاسَاتِكُمْ وَ مُدَارَاتِكُمْ، وَ فی ذَلِكَ رَوْحٌ لی عَظیمٌ. فَلَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا ظَهَرَ الْجَوْرُ مِنْ أَئِمَّةِ الْجَوْرِ بَاعَ نَفْسَهُ مِنْ رَبِّهِ، وَ أَخَذَ حَقَّهُ مِنَ الْجِهَادِ، لَقَامَ دینُ اللَّهِ عَلی قُطْبِهِ، وَ هَنَأَتْكُمُ الدُّنْیَا الْفَانِیَةِ، وَ لَرَضَّیْتُمْ رَبَّكُمْ فَنَصَرَكُمْ عَلی عَدُوِّكُمْ[254]. أَیْنَ تَذْهَبُ بِكُمُ الْمَذَاهِبُ، وَ أَیْنَ[255] تَتیهُ بِكُمُ الْغَیَاهِبُ، وَ تَخْدَعُكُمُ الْكَوَاذِبُ؟. أَیْنَ تَتیهُونَ[256]. وَ مِنْ أَیْنَ تُؤْتَوْنَ. وَ أَنَّی تُؤْفَكُونَ. وَ عَلاَمَ تَعْمَهُونَ؟. أَیْنَ تَضِلُّ عُقُولُكُمْ، وَ تَزیغُ قُلُوبُكُمْ، وَ فیكُمْ أَهْلُ بَیْتِ نَبِیِّكُمْ، وَ هُمْ أَزِمَّةُ الصِّدْقِ، وَ أَئِمَّةُ الْحَقِّ؟. أَ تَسْتَبْدِلُونَ الْكَذِبَ بِالصِّدْقِ، وَ تَعْتَاضُونَ الْبَاطِلَ بِالْحَقِّ؟[257]. فَلِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ، وَ لِكُلِّ غَیْبَةٍ إِیَابٌ. فَاسْتَمِعُوا مِنْ رَبَّانِیِّكُمْ، وَ أَحْضِرُوهُ قُلُوبَكُمْ، وَ اسْتَیْقِظُوا إِنْ هَتَفَ بِكُمْ، وَ لْیَصْدُقْ رَائِدٌ أَهْلَهُ، وَ لْیَجْمَعْ شَمْلَهُ، وَ لْیُحْضِرْ ذِهْنَهُ[258]، فَلَقَدْ فَلَقَ لَكُمُ الأَمْرَ فَلْقَ الْخَرَزَةِ[259]، وَ قَرَفَهُ قَرْفَ الصَّمْغَةِ. وَ اعْلَمُوا أَنَّ الشَّیْطَانَ إِنَّمَا یُسَنّی لَكُمْ طُرُقَهُ لِتَتَّبِعُوا عَقِبَهُ. [صفحه 519] فقال له الأشعث بن قیس: فهلاّ فعلت كفعل ابن عفّان؟ فقال علیه السلام: أَنَا عَائِذٌ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّ مَا تَقُولُ، یَا ابْنَ قَیْسٍ. یَا عُرْفَ[260] النَّارِ، وَیْلَكَ، إِنَّ الَّذی فَعَلَ عُثْمَانُ لَمَخْزَاةٌ لِمَنْ لاَ دینَ لَهُ، [ وَ ] مَجْزَاةٌ لِمَنْ لاَ نُصْرَةَ لَهُ وَ لاَ حُجَّةَ[261] مَعَهُ. فَكَیْفَ أَفْعَلُ ذَلِكَ وَ أَنَا عَلی بَیِّنَةٍ مِنْ رَبّی، وَ الْحُجَّةُ فی یَدی، وَ الْحَقُّ مَعی؟[262]. وَ اللَّهِ، إِنَّ امْرَأً یُمَكِّنُ عَدُوَّهُ مِنْ نَفْسِهِ، یَعْرُقُ لَحْمَهُ، وَ یَهْشِمُ عَظْمَهُ، وَ یَفْری جِلْدَهُ، وَ یَسْفِكُ دَمَهُ، وَ هُوَ یَقْدِرُ أَنْ یَمْنَعَهُ[263]، لَعَظیمٌ عَجْزُهُ[264]، ضَعیفٌ مَا ضُمَّتْ عَلَیْهِ جَوَانِحُ صَدْرِهِ. أَنْتَ، یَا ابْنَ قَیْسٍ[265]، فَكُنْ ذَاكَ[266] إِنْ شِئْتَ. فَأَمَّا أَنَا فَوَ اللَّهِ دُونَ[267] أَنْ أُعْطِیَ ذَلِكَ بِیَدی[268]، ضَرْبٌ بِالْمَشْرِفِیَّةِ تَطیرُ مِنْهُ فَرَاشُ الْهَامِ، وَ تَطیحُ مِنْهُ[269] السَّوَاعِدُ وَ الأَقْدَامُ، [ وَ ] الأَكُفُّ وَ الْمَعَاصِمُ[270]، وَ یَفْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ مَا یَشَاءُ. وَیْلَكَ، یَا ابْنَ قَیْسٍ، إِنَّ الْمُؤْمِنَ یَمُوتُ بِكُلِّ مِیتَةٍ غَیْرَ أَنَّهُ لاَ یَقْتُلُ نَفْسَهُ، فَمَنْ قَدِرَ عَلی حَقْنِ دَمِهِ ثُمَّ خَلَّی عَمَّنْ یَقْتُلُهُ فَهُوَ قَاتِلُ نَفْسِهِ. إِنَّهُ لاَ یَنْبَغی لِلنَّبِیِّ وَ لاَ لِلْوَصِیِّ إِذَا لَبِسَ لاَمَتَهُ، وَ بَرَزَ لِعَدُوِّهِ، أَنْ یَرْجِعَ أَوْ یَنْثَنی حَتَّی یُقْتَلَ أَوْ یَفْتَحَ اللَّهُ لَهُ. [صفحه 520] وَیْلَكَ، یَا ابْنَ قَیْسٍ، إِیَّایَ تُعَیِّرُنی، وَ أَنَا صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ فی جَمیعِ مَوَاطِنِهِ وَ مَشَاهِدِهِ، وَ الْمُتَقَدِّمُ إِلَی الشَّدَائِدِ بَیْنَ یَدَیْهِ، لاَ أَفِرُّ وَ لاَ أَلُوذُ، وَ لاَ أَعْتَلُّ وَ لاَ أَنْحَازُ، وَ لاَ أَمْنَحُ الْعَدُوَّ دُبُری؟. یَا ابْنَ قَیْسٍ، إِنَّ هذَهِ الأُمَّةَ سَتَفْتَرِقُ عَلی ثَلاَثٍ وَ سَبْعینَ فِرْقَةٍ، فِرْقَةٌ وَاحِدَةٌ فِی الْجَنَّةِ، وَ اثْنَتَانِ وَ سَبْعُونَ فِی النَّارِ. وَ شَرُّهَا، وَ أَبْغَضُهَا إِلَی اللَّهِ وَ أَبْعَدُهَا مِنْهُ، السَّامِرَةُ، الَّذینَ یَقُولُونَ: لاَ قِتَالْ. وَ كَذِبُوا. قَدْ أَمَرَ اللَّهُ بِقِتَالِ الْبَاغینَ فی كِتَابِهِ وَ سُنَّةِ نَبِیِّهِ. وَ كَذَلِكَ الْمَارِقَةِ[271]. فقال له الأشعث: نهیتَنا عن الحكومة ثم أمرتنا بها، فما ندری أی الأمرین أرشد؟. فصفّق علیه السلام إحدی یدیه علی الأخری ثم قال: هذَا جَزَاءُ مَنْ تَرَكَ الْعُقْدَةَ. أَمَا، وَ اللَّهِ، لَوْ أَنّی حینَ أَمَرْتُكُمْ بِمَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ، وَ نَهَیْتُكُمْ عَمَّا نَهَیْتُكُمْ عَنْهُ[272]، حَمَلْتُكُمْ عَلَی الْمَكْرُوهِ الَّذی یَجْعَلُ اللَّهُ فیهِ خَیْراً كَثیراً[273]، فَإِنِ اسْتَقَمْتُمْ هَدَیْتُكُمْ[274]، وَ إِنِ اعْوَجَجْتُمْ قَوَّمْتُكُمْ، وَ إِنِ أَبَیْتُمْ تَدَارَكْتُكُمْ، لَكَانَتِ الْوُثْقی. وَ لكِنْ بِمَنْ، وَ إِلی مَنْ؟. أُریدُ أَنْ أُدَاوِیَ بِكُمْ وَ أَنْتُمْ دَائی. إِنّی، وَ اللَّهِ، بِكُمْ[275] كَنَاقِشِ الشَّوْكَةِ بِالشَّوْكَةِ وَ هُوَ یَعْلَمُ أَنَّ ضَلْعَهَا مَعَهَا. اَللَّهُمَّ قَدْ مَلَّتْ أَطِبَّاءُ هذَا الدَّاءِ الدَّوِیِّ، وَ كَلَّتِ النَّزْعَةُ بِأَشْطَانِ الرَّكِیِّ. اَللَّهُمَّ إِنَّ الْفُرَاتَ وَ دَجْلَةَ نَهْرَانِ أَعْجَمَانِ أَصَمَّانِ أَعْمَیَانِ أَبْكَمَانِ. اَللَّهُمَّ سَلِّطْ عَلَیْهِمَا مَاءَ بَحْرَكَ، وَ انْزَعْ مِنْهُمْ مَاءَ نَصْرَكَ[276]. ( ثم قال علیه السلام: ) [صفحه 521] أَیْنَ الْقَوْمُ الَّذینَ دُعُوا إِلَی الإِسْلاَمِ فَقَبِلُوهُ، وَ قَرَأُوا الْقُرْآنَ فَأحْكَمُوهُ، وَ هیجُوا[277] إِلَی الْقِتَالِ فَوَلِهُوا وَ لَهَ اللِّقَاحِ إِلی أَوْلاَدِهَا[278]، وَ سَلَبُوا السُّیُوفَ أَغْمَادَهَا، وَ أَخَذُوا بِأَطْرَافِ الأَرْضِ زَحْفاً زَحْفاً، وَ صَفّاً صَفّاً، بَعْضٌ هَلَكَ وَ بَعْضٌ نَجَا، لاَ یُبَشَّرُونَ بِالأَحْیَاءِ، وَ لاَ یُعَزَّوْنَ عَنِ الْقَتْلی[279]. مُرْهُ[280] الْعُیُونِ مِنَ الْبُكَاءِ، خُمْصُ الْبُطُونِ مِنَ الصِّیَامِ، ذُبْلُ الشِّفَاهِ مِنَ الدُّعَاءِ، صُفْرُ الأَلْوَانِ مِنَ السَّهَرِ، عَلی وُجُوهِهِمْ غَبَرَةُ الْخَاشِعینَ، رُهْبَانٌ فِی اللَّیْلِ، أُسْدٌ فِی النَّهَارِ[281]. أُولئِكَ إِخْوَانِیَ الذَّاهِبُونَ، فَحَقَّ لَنَا أَنْ نَظْمَأَ إِلَیْهِمْ، وَ نَعَضَّ الأَیْدی عَلی فِرَاقِهِمْ. ثم دمعت عیناه علیه السلام و قال: إِنَّا للَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ رَاجِعُونَ. حَسْبِیَ اللَّهُ وَ نِعْمَ الْوَكیلِ[282]. ثم قال: إِنَّ الشَّیْطَانَ یُسَنّی لَكُمْ طُرُقَهُ، وَ یُریدُ أَنْ یَحُلَّ دینَكُمْ عُقْدَةً عُقْدَةً، وَ یُعْطِیَكُمْ بِالْجَمَاعَةِ الْفُرْقَةَ، وَ بِالْفُرْقَةِ الْفِتْنَةَ، فَاصْدِفُوا عَنْ نَزَغَاتِهِ وَ نَفَثَاتِهِ، وَ اقْبَلُوا النَّصیحَةَ مِمَّنْ أَهْدَاهَا إِلَیْكُمْ، وَ اعْقِلُوهَا عَلی أَنْفُسِكُمْ. فقال الأشعث بن قیس: هذه علیك لا لك. فخفض علیه السلام إلیه بصره ثم قال: مَا یُدْریكَ مَا عَلَیَّ مِمَّا لی؟. عَلَیْكَ لَعْنَةُ اللَّهِ وَ لَعْنَةُ اللاَّعِنینَ. حَائِكٌ اِبْنُ حَائِكٍ. مُنَافِقٌ ابْنُ كَافِرٍ. وَ اللَّهِ لَقَدْ أَسَرَكَ الْكُفْرُ مَرَّةً، وَ الإِسْلاَمُ أُخْری، فَمَا فَدَاكَ مِنْ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مَالُكَ وَ لاَ حَسَبُكَ. وَ إِنَّ امْرَأً دَلَّ عَلی قَوْمِهِ السَّیْفَ، وَ سَاقَ إِلَیْهِمُ الْحَتْفَ، لَحَرِیٌّ أَنْ یَمْقُتَهُ الأَقْرَبُ، وَ لاَ یَأْمَنَهُ الأَبْعَدُ. [صفحه 522] ثم قال علیه السلام: أَلاَ إِنَّهُ قَدْ أَدْبَرَ مِنَ الدُّنْیَا مَا كَانَ مُقْبِلاً، وَ أَقْبَلَ مِنْهَا مَا كَانَ مُدْبِراً، وَ أَزْمَعَ التِّرْحَالَ عِبَادُ اللَّهِ الأَخْیَارُ، وَ بَاعُوا قَلیلاً مِنَ الدُّنْیَا لاَ یَبْقی، بِكَثیرٍ مِنَ الآخِرَةِ لاَ یَفْنی. مَا ضَرُّ إِخْوَانِنَا الَّذینَ سُفِكَتْ دِمَاؤُهُمْ بِصِفّینَ أَنْ لاَ یَكُونُوا الْیَوْمَ أَحْیَاءَ، یُسیغُونَ الْغُصَصَ، وَ یَشْرَبُونَ الرَّنَقَ؟. قَدْ، وَ اللَّهِ، لَقُوا اللَّهَ فَوَفَّاهُمْ أُجُورَهُمْ، وَ أَحَلَّهُمْ دَارَ الأَمْنِ بَعْدَ خَوْفِهِمْ. أَیْنَ إِخْوَانِیَ الَّذینَ رَكِبُوا الطَّریقَ، وَ مَضَوْا عَلَی الْحَقِّ؟. أَیْنَ عَمَّارٌ؟. وَ أَیْنَ ابْنُ التَّیِّهَانِ؟. وَ أَیْنَ ذُو الشَّهَادَتَیْنِ؟. وَ أَیْنَ نُظَرَاؤُهُمْ مِنْ إِخْوَانِهِمُ الَّذینَ تَعَاقَدُوا عَلَی الْمَنِیَّةِ، وَ أُبْرِدَ بِرُؤُوسِهِمْ إِلَی الْفَجَرَةِ؟. ثم ضرب علیه السلام بیده علی لحیته الشریفة الكریمة، فأطال البكاء، ثم قال: أَوْهِ عَلی إِخْوَانِیَ الَّذینَ تَلَوُا الْقُرْآنَ فَأَحْكَمُوهُ، وَ تَدَبَّرُوا الْفَرْضَ فَأَقَامُوهُ، أَحْیَوُا السُّنَّةَ، وَ أَمَاتُوا الْبِدْعَةَ، دُعُوا إِلَی الْجِهَادِ فَأَجَابُوا، وَ وَثِقُوا بِالْقَائِدِ فَاتَّبَعُوا. كَانُوا قَوْماً مِنْ أَهْلِ الدُّنْیَا وَ لَیْسُوا مِنْ أَهْلِهَا، فَكَانُوا فیهَا كَمَنْ لَیْسَ مِنْهَا، عَمِلُوا فیهَا بِمَا یُبْصِرُونَ، وَ بَادَرُوا فیهَا مَا یَحْذَرُونَ. تَقَلَّبُ أَبْدَانُهُمْ بَیْنَ ظَهْرَانِیِّ أَهْلِ الآخِرَةِ، وَ یَرَوْنَ أَهْلَ الدُّنْیَا یُعَظِّمُونَ مَوْتَ أَجْسَادِهِمْ وَ هُمْ أَشَدُّ إِعْظَاماً لِمَوْتِ قُلُوبِ أَحْیَائِهِمْ. ثم نادی علیه السلام بأعلی صوته: أَلاَ حُرٌّ یَدَعُ هذِهِ اللُّمَاظَةَ لأَهْلِهَا؟. أَلاَ[283] إِنَّهُ لَیْسَ لأَنْفُسِكُمْ ثَمَنٌ إِلاَّ الْجَنَّةَ، فَلاَ تَبیعُوهَا إِلاَّ بِهَا. اَلْجِهَادَ، الْجِهَادَ، عِبَادَ اللَّهِ. [صفحه 523] أَلاَ وَ إِنّی مُعَسْكِرٌ فی یَوْمی هذَا، فَمَنْ أَرَادَ الرَّوَاحَ إِلَی اللَّهِ فَلْیَخْرُجْ. وَ الْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ الْعَالَمینَ. فقام إلیه شاب فقال: یا أمیر المؤمنین، أخبرنی عن فضل الغزاة فی سبیل اللّه؟. فقال أمیر المؤمنین علیه السلام: كُنْتُ رَدیفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ عَلی نَاقَتِهِ الْغَضْبَاءَ وَ نَحْنُ قَافِلُونَ مِنْ غَزْوَةِ ذَاتِ السَّلاَسِلِ. فَسَأَلْتُهُ عَمَّا سَأَلْتَنی عَنْهُ. فَقَالَ: إِنَّ الْغُزَاةَ إِذَا هَمُّوا بِالْغَزْوِ كَتَبَ اللَّهُ لَهُمْ بَرَاءَةً مِنَ النَّارِ. فَإِذَا تَجَهَّزُوا لِغَزْوِهِمْ بَاهَی اللَّهُ بِهِمُ الْمَلاَئِكَةَ. فَإِذَا وَدَّعَهُمْ أَهْلُوهُمْ بَكَتْ عَلَیْهِمُ الْحیطَانُ وَ الْبُیُوتُ، وَ یَخْرُجُونَ مِنْ ذُنُوبِهِمْ كَمَا تَخْرُجُ الْحَیَّةُ مِنْ سَلْخِهَا، وَ یُوكِلُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِهِمْ، بِكُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ، أَرْبَعینَ مَلَكاً یَحْفَظُونَهُ مِنْ بَیْنِ یَدَیْهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ وَ عَنْ یَمینِهِ وَ عَنْ شِمَالِهِ، وَ لاَ یَعْمَلُ حَسَنَةً إِلاَّ ضُعِّفَتْ لَهُ، وَ یُكْتَبُ لَهُ كُلَّ یَوْمٍ عِبَادَةَ أَلْفِ رَجُلٍ یَعْبُدُ اللَّهَ أَلْفَ سَنَةٍ، كُلُّ سَنَةٍ ثَلاَثْمِأَةٌ وَ سِتُّونَ یَوْماً، الْیَوْمُ مِثْلَ عُمُرِ الدُّنْیَا. فَإِذَا صَارُوا بِحَضْرَةِ عَدُوِّهِمُ انْقَطَعَ عِلْمُ أَهْلِ الدُّنْیَا عَنْ ثَوَابِ اللَّهِ إِیَّاهُمْ. فَإِذَا بَرَزُوا لِعَدُوِّهِمْ، وَ أَشْرَعَتِ الأَسِنَّةُ، وَ فُوِّقَتِ السِّهَامُ، وَ تَقَدَّمَ الرَّجُلُ إِلَی الرَّجُلِ، حَفَّتْهُمُ الْمَلاِئِكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا، وَ یَدْعُونَ اللَّهَ تَعَالی لَهُمْ بِالنَّصْرِ وَ التَّثْبیتِ، وَ نَادی مُنَادٍ: الْجَنَّةُ تَحْتَ ظِلاَلِ السُّیُوفِ. فَتَكُونُ الضَّرْبَةُ وَ الطَّعْنَةُ عَلَی الشَّهیدِ أَهْوَنَ مِنْ شُرْبِ الْمَاءِ الْبَارِدِ فِی الْیَوْمِ الصَّائِفِ. فَإِذَا أُزیلَ الشَّهیدُ عَنْ فَرَسِهِ بِطَعْنَةٍ أَوْ بِضَرْبَةٍ لَمْ یَصِلْ إِلَی الأَرْضِ حَتَّی یَبْعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ زَوْجَتَهُ مِنَ الْحُورِ الْعَینِ فَتُبَشِّرُهُ بِمَا أَعَدَّ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَهُ مِنَ الْكَرَامَةِ. فَإِذَا وَصَلَ إِلَی الأَرْضِ تَقُولُ لَهُ: مَرْحَباً بِالرُّوحِ الطَّیِّبَةِ الَّتی خَرَجَتْ مِنَ الْبَدَنِ الطَّیِّبِ. أَبْشِرْ فَإِنَّ لَكَ مَا لاَ عَیْنٌ رَأَتْ، وَ لاَ أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَ لاَ خَطَرَ عَلی قَلْبِ بَشَرٍ. وَ یَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: أَنَا خَلیفَتُهُ فی أَهْلِهِ، وَ مَنْ أَرْضَاهُمْ فَقَدْ أَرْضَانی، وَ مَنْ أَسْخَطَهُمْ فَقَدْ أَسْخَطَنی. وَ یَجْعَلُ اللَّهُ رُوحَهُ فی حَوَاصِلِ طَیْرٍ خُضْرٍ تَسْرَحُ فِی الْجَنَّةِ حَیْثُ تَشَاءُ، تَأْكُلُ مِنْ ثِمَارِهَا، [صفحه 524] وَ تَأْوی إِلی قَنَادیلَ مِنْ ذَهَبٍ مُعَلَّقَةٍ بِالْعَرْشِ. وَ یُعْطَی الرَّجُلُ مِنْهُمْ سَبْعینَ غُرْفَةً مِنْ غُرَفِ الْفِرْدَوْسِ، سُلُوكُ كُلِّ غُرْفَةٍ مَا بَیْنَ صَنْعَاءَ وَ الشَّامِ، یَمْلَأُ نُورُهَا مَا بَیْنَ الْخَافِقَیْنِ. فی كُلِّ غُرْفَةٍ سَبْعُونَ بَاباً، عَلی كُلِّ بَابٍ سُتُورٌ مُسْبَلَةٌ. فی كُلِّ غُرْفَةٍ سَبْعُونَ خَیْمَةً. فی كُلِّ خَیْمَةٍ سَبْعُونَ سَریراً مِنْ ذَهَبٍ، قَوَائِمُهَا الدُّرُّ وَ الزِّبَرْجَدُ مَرْصُوصَةٌ بِقُضْبَانِ الزُّمُرُّدِ. عَلی كُلِّ سَریرٍ أَرْبَعُونَ فِرَاشاً. عَلی كُلِّ فِرَاشٍ زَوْجَةٌ مِنَ الْحُورِ الْعینِ عُرُباً أَتْرَاباً. قال الشاب: یا أمیر المؤمنین، أخبرنی عن العربة التربة؟. فقال علیه السلام: هِیَ الزَّوْجَةُ الْغَنِجَةُ الرَّضِیَّةُ الْمَرْضِیَّةِ الشَّهِیَّةُ. لَهَا سَبْعُونَ أَلْفَ وَصیفٍ، وَ سَبْعُونَ أَلْفَ وَصیفَةٍ، صُفْرُ الْحُلِیِّ، بیضُ الْوُجُوهِ، عَلَیْهِمْ تیجَانُ اللُّؤْلُؤِ، عَلی رِقَابِهِمُ الْمَنَادیلُ، بِأَیْدیهِمُ الأَكْوِبَةُ وَ الأَبَاریقُ. وَ إِذَا كَانَ یَوْمَ الْقِیَامَةِ یَخْرُجُ مِنْ قَبْرِهِ شَاهِراً سَیْفَهُ تَشْخَبُ أَوْدَاجُهُ دَماً، اللَّوْنُ لَوْنُ الدَّمِ، وَ الرَّائِحَةُ رَائِحَةُ الْمِسْكِ، یَحْضُرُ فی عَرَصَةِ الْقِیَامَةِ. فَوَ الَّذی نَفْسی بِیَدِهِ لَوْ كَانَ الأَنْبِیَاءُ فی طَریقِهِمْ لَتَرَجَّلُوا لَهُمْ مِمَّا یَرَوْنَ مِنْ بَهَائِهِمْ. حَتَّی یَأْتُوا عَلی مَوَائِدَ مِنْ الْجَوْهَرِ فَیَقْعُدُونَ عَلَیْهَا. وَ یُشَفَّعُ الرَّجُلُ مِنْهُمْ فی سَبْعینَ أَلْفاً مِنْ أَهْلِ بَیْتِهِ وَ جیرَتِهِ، حَتَّی أَنَّ الْجَارَیْنِ یَتَخَاصَمَانِ أَیُّهُمَا أَقْرَبُ جِوَاراً. فَیَقْعُدُونَ مَعی وَ مَعَ إِبْرَاهیمَ عَلَیْهِ السَّلاَمُ عَلی مَائِدَةِ الْخُلْدِ، فَیَنْظُرُونَ إِلی اللَّهِ تَعَالی فی كُلِّ یَوْمٍ بُكْرَةً وَ عَشِیّاً[284]. قال نوْف: و عقد [ علی علیه السلام بعد هذه الخطبة ] للحسین علیه السلام فی عشرة آلاف، و لقیس بن سعد رحمه الله فی عشرة آلاف، و لأبی أیوب الأنصاری فی عشرة آلاف، و لغیرهم علی أعداد أُخر، و هو یرید الرجعة إلی صفین. فما دارت الجمعة حتی ضربه الملعون ابن ملجم، فتراجعت العساكر، فكنّا كأغنام فقدت راعیها، تختطفها الذئاب من كل مكان. [صفحه 525]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحیمِ[1] اَلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ الْعَالَمینَ، وَ سَلاَمٌ عَلَی الْمُرْسَلینَ، وَ لاَ شَریكَ للَّهِ الأَحَدِ الْقَیُّومِ، وَ صَلَوَاتُ اللَّهِ
صفحه 492، 493، 494، 495، 496، 497، 498، 499، 500، 501، 502، 503، 504، 505، 506، 507، 508، 509، 510، 511، 512، 513، 514، 515، 516، 517، 518، 519، 520، 521، 522، 523، 524، 525.
سلام علیكم. أمّا بعد، ف [ علی روایة ان النص الوارد فی ذیل هذه الفقرة كتبه علیه السلام لتقرأ علی الناس لعدم تمكنه من الخطبة لعلّته ]. ورد فی نهج السعادة للمحمودی ج 5 ص 310. و ما أظنّ أن تفعلوه. ورد فی المصدر السابق أیضا. و منهاج البراعة ج 14 ص 159. و نهج السعادة ج 1 ص 548 و ج 2 ص 177. و ورد بولایة أمركم فی نسخ النهج. و نسخة الصالح ص 69. و نسخة العطاردی ص 35 عن شرح فیض الإسلام. و ورد العماء فی و نسخة ابن المؤدب ص 23. و الإرشاد ص 149. و نثر الدرّ ج 1 ص 298. و الاحتجاج ج 1 ص 175. و الجوهرة ص 76. و منهاج البراعة ج 3 ص 404 و ج 4 ص 24. و نهج السعادة ج 2 ص 561 و 571. و نهج البلاغة الثانی ص 120. باختلاف بین المصادر. و نهج البلاغة الثانی ص 122. باختلاف بین المصادر. و نسخة ابن أبی المحاسن ص 36. و نسخة الأسترابادی ص 34. و نسخة عبده ص 122. و نسخة الأسترابادی ص 113. و نسخة عبده ص 239. و نسخة الصالح ص 141. و نسخة العطاردی ص 106. و نهج البلاغة الثانی ص 118. باختلاف بین المصادر. باختلاف یسیر. باختلاف بین المصادر. و منهاج البراعة ج 4 ص 23. و نهج السعادة ج 2 ص 469 و 541 و 569. و نهج البلاغة الثانی ص 119. باختلاف یسیر. و ورد الأعداء فی نسخ النهج. و نهج البلاغة الثانی ص 119. و المستدرك لكاشف الغطاء ص 51. و نهج السعادة ج 2 ص 546. و نهج البلاغة الثانی ص 110. و نهج البلاغة الثانی ص 111. و منهاج البراعة ج 4 ص 23. و نهج السعادة ج 2 ص 571. و نهج البلاغة الثانی ص 119. و الجوهرة ص 77. و منهاج البراعة ج 3 ص 404 و نهج السعادة ج 2 ص 565. و الاحتجاج ج 1 ص 180. و منهاج البراعة ج 6 ص 87. و نهج السعادة ج 2 ص 88. و منهاج البراعة ج 4 ص 81. و نهج السعادة ج 2 ص 528. باختلاف بین المصادر.